153
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(وزهرتها وغَضارة عَيشها) .قال الفيروزآبادي : «الزَّهرة ويحرّك : النبات ونَوره ، ومن الدنيا بهجتها ونضارتها وحسنها ، وبالضمّ : البياض والحسن» . ۱ وقال : «الغضارة : النعمة والسعة والخِصب» . ۲
وقوله : (في معصية اللّه) متعلّق بملك الدنيا ، أو حال عنه .وقيل : التفضيل باعتبار فرض الفعل ، وتقديره في المفضّل عليه ، والمقصود أنّ المشقّة في الدنيا مع الطاعة خير من الراحة فيها مع المعصية ، أمّا الطاعة فظاهرة ، وأمّا المشقّة فلأنّ فيها ثواب ، وفي الراحة حساب ، ولو قال : «في طاعة اللّه » بدل قوله : «في معصية اللّه» ، لفُهم أنّ المشقّة في الدنيا خير من الراحة فيها ، وليس ذلك بمقصود ، وإنّما المقصود ما ذُكر لترغيب أهل الحقّ في الصبر على المشقّة والطاعة بيان أنّهما خير من الراحة والمعصية التي من جملتها ترك الولاية ورفض طاعة الإمام عليه السلام . ۳ وقوله : (ووَلاية من نهى اللّه عن ولايته وطاعته) عطف على معصية اللّه .
وقوله : (فإنّ اللّه أمر بولاية الأئمّة الذين سمّاهم اللّه في كتابه) إشارة إلى تحقيق ما ذكر من تصبير النفس على البلاء وما يتفرّع عليه وتثبيته ، وبيان من اتّصف بولاية من أمر اللّه بولايته ، ومن اتّصف بضدّها ، وبيان شيء من أحوالها ، والآثار المترتّبة على ذلك كلّه .(في قوله) عزّ وجلّ في سورة الأنبياء : «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً» يقتدي بهم بسبب تطهير ظاهرهم وباطنهم من الأرجاس كلّها ، وتعيينهم للنبوّة والإمامة ، وهي كالرسالة من قبله تعالى ؛ إذ هي متوقّفة على قدرة كاملة مانعة من الخطأ والزلل مطلقاً، وهي العصمة ، فلا ينافي هذا التفسير عود ضمير الجمع إلى الأنبياء المذكورين في الآية . «يَهْدُونَ» الناس إلى الحقّ «بِأَمْرِنا» .
قيل : أي بسبب أمرنا لهم بالهداية لا يحبّ الدنيا ورئاسة أهلها ، أو بسبب أمرنا فيهم ، وهو اللطف والعصمة المانعة من الزلل ، أو إلى أمرنا وهو ما جاء به النبي صلى الله عليه و آله ، أو إنّهم يهدون

1.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۴۳ (زهر) .

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۰۲ (غضر) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۸۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
152

في الذات والصفات؛ لأنّ ذات المؤمن وصفاته نورانيّة ، وذات الكافر وصفاته ظلمانيّة ، فلا جامع بينهما .(سلوا اللّه العافية) ۱ من العلل والبلاء ، أو من المعاصي أيضاً .والعافية دفاع اللّه عن العبد . يقال : عافاه اللّه من المكروه معافاة وعافية ، أي وهب له العافية .
(واطلبوها إليه) . يقال : طلب إليّ ، أي رغب .(صَبّروا النفس ۲ على البلاء في الدنيا) .قال الفيروزآبادي : «أصبره : أمره بالصبر ، كصبّره ، وجعل له صبراً» . ۳
وقال: «ابتليته : اختبرته ، وفلاناً فأبلاني : استخبرته ، وامتحنته ، واختبرته ، كبلوته بَلواً وبلاء ، والاسم البَلوى والبَليّة والبِلوة بالكسر» ۴ انتهى .
وقد شاع استعمال البلاء فيما يختبر به مثل التكاليف والأمراض والمصائب والفقر وتحمّل الأذى ونحوها .(فإنّ تتابع البلاء فيها) أي في الدنيا .
(والشدّة في طاعة اللّه) عطف على التتابع .واحتمال نصبها على المعيّة ، أو جرّها عطفاً على البلاء بعيد .
(ووَلايته ووَلاية من أمر بوَلايته خيرٌ عاقبةً عند اللّه) .في بعض النسخ بعد قوله : «عند اللّه» : «في الآخرة» . وقوله : (من مُلك ۵ الدنيا) متعلّق بخير .
(وإن طال تتابع نعيمها) .الضمير للدنيا . والنعيم : الخفض والدعة والمال، كالنعمة بالكسر .

1.في الحاشية : «العافية : دفاع اللّه الأسقام والبلايا عن العبد ، وهي اسم من عافاه اللّه وأعفاه ، وُضع موضع المصدر ، ومثله: «ناشِئَةَ اللَّيْلِ» بمعنى نشوء الليل ، والخاتمة بمعنى الختم ، والكاذبة بمعنى الكذب ، ومعافاة اللّه : صرف الأذى عن الخلق وصرف أذى الخلق منك. مجمع البحرين» . مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۲۱۰ (عفو) .

2.في الحاشية : «صبّر النفس ، أي حملها على الصبر . صالح» . شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۱۸۰ .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۶۶ (صبر) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۰۵ (بلو) .

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «تلك».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110789
صفحه از 630
پرینت  ارسال به