155
البضاعة المزجاة المجلد الأول

ما يصنعون في دولتهم ، فأجاب بما ذكر .ومعنى قوله : «قضى اللّه» إلخ ، أنّه تعالى حكم بذلك، وأمر به ، وفي هذا القضاء حكمة مخفية لا يدركها عقولنا .وقيل : لا يبعد أن يكون الحكمة منها اختبارهم واختبار هذه الاُمّة بهم ، كاختبار جميع الاُمم بالشيطان ليتميّز الخبيث منهم من الطيّب .وقال الفيروزآبادي : «القضاء ، ويقصر : الحكم والصنع والحتم والبيان ، وقضى وطره : أتمّه وبلغه ، وإليه : أنهاه» .
(ليُحقّ عليهم كلمةَ العذاب) .في القاموس :
حقّه كمدّه : غلبه على الحقّ ، كأحقّه . والشيءَ : أوجبه ، كأحقّه وحقّقه. والطريق : [ركب] حاقّه ، والأمر يُحقّ ويَحقّ حقّة بالفتح : وجب ووقع بلا شكّ ، لازم متعدّ. ۱ انتهى .وقيل : المراد بكلمة العذاب حكم اللّه عليهم بالشقاوة والكفر واستحقاق العذاب .
وقيل : هي أمر اللّه به ، أو الآيات الدالّة عليه كقوله تعالى : «لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةَ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» كما يقال كلمة التوحيد ، ويراد بها الكلام الدالّ عليه ، أي فعل ما فعل ، وقضى ما قضى لتحقّ تلك الكلمة عليهم وعلى أتباعهم حقّاً مطابقاً للإيمان ، أو لتثبت ثبوتاً ظاهراً لا يخفى استحقاقهم له عليهم ولا على غيرهم ؛ إذ قد جرت حكمة اللّه تعالى أن لا يعذّب أحداً بسبب علمه بما يوجب استحقاقهم له ، حتّى يتحقّق المعلوم في الخارج ، ويطابق علمه به ، ويظهر استحقاقه للخلق .(وليَتمّ أن تكونوا مع نبيّ اللّه محمّد صلى الله عليه و آله والرسل من قبله) .

1.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۲۱ (حقق) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
154

بأمرنا لا بأمر الناس حيث يقدمون أمر اللّه قبل أمرهم ، وحكم اللّه قبل حكمهم . ۱ روى المصنّف رحمه الله في باب أنّ الأئمّة في كتاب اللّه إمامان : «قال اللّه تعالى : «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا»۲ لا بأمر الناس ، يقدّمون أمر اللّه قبل أمرهم ، وحكم اللّه قبل حكمهم» .وقال : « «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ»۳ يقدّمون أمرهم قبل أمر اللّه وحكمهم قبل حكم اللّه ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب اللّه تعالى» . ۴ (وهم) أي الأئمّة المذكورون في الآية .
(الذين أمر اللّه بولايتهم وطاعتهم) بقوله : «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا»۵ الآية ، وقوله : «أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ» . ۶ (والذين نهى اللّه عن ولايتهم وطاعتهم) بقوله : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ»۷ ؛ فإنّه نهى عن ولايات أعداء اللّه مطلقاً، وإن ورد في مورد خاصّ .وقوله تعالى : «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ» ؛ فإنّ الغرض منه النهي عن اعتقاد ولاية تلك الأئمّة .
ثمّ اعلم أنّ الموصول مبتدأ ، والواو في قوله : (وهم أئمّة الضلالة) على ما في بعض النسخ للحال، أو للعطف على الصلة .وقوله : (الذين قضى اللّه أن يكون لهم دُوَل في الدنيا على أولياء اللّه) صفة لأئمّة الضلالة .
وقوله : (الأئمّة من آل محمّد) صفة لأولياء اللّه ، أو بدل منه ، أو خبر مبتدأ محذوف .وقوله : (يعملون في دولتهم بمعصية اللّه ومعصية رسوله صلى الله عليه و آله ) خبر المبتدأ ، أعني قوله : «الذين نهى اللّه» .
وقيل : يحتمل أن يكون الموصول الثاني بياناً وتفسيراً للموصول الأوّل ، وأن يكون خبراً له ، وحينئذ قوله : «يعملون» خبر بعد خبر ، أو حال عن ضمير «لهم» ، أو استئناف كأنّه قيل :

1.النساء (۴) : ۵۹ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۸۱ .

3.الأنبياء (۲۱) : ۷۳ .

4.القصص (۲۸) : ۴۱ .

5.الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۱۶ ، باب أنّ الأئمّة في كتاب اللّه إمامان ... ، ح ۲ .

6.المائدة (۵) : ۵۵ .

7.الممتحنة (۶۰) : ۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110740
صفحه از 630
پرینت  ارسال به