وقيل : إنّما نسب الجميع إليه تعالى مع أنّ أكثر ذلك فعل العبد باعتبار توفيقه إيّاه . ۱ (تمّ له إسلامه ...) .
المراد بالإسلام هنا ما هو أخصّ من الإيمان ، وربّما استدلّ بهذا وأمثاله على كون العمل خارجاً عن حقيقة الإسلام متمّماً له موجباً لكماله .وقوله : (وكله إلى نفسه) أي خَلاه مع نفسه الأمّارة بالسوء ، وسلب عنه التوفيق جزاء لعمله . يقال : وَكّل إليه الأمر ـ كوعد ـ وَكلاً ووُكولاً ، إذا سلّمه وتركه .(وكان صدرُه ضَيّقاً حَرَجاً) بحيث يأبى عن الإيمان ، ويستوهم الحقّ .
قال الجوهري :ضاق الشيء يضيق ضَيقاً وضَيّقاً ، والضيق أيضاً تخفيف الضيّق ، والضيق أيضاً جمع الضَيقة ، وهي الفقر وسوء الحال. ۲ وقال :
مكان حَرِج وحَرَج، أي ضيّق كثير الشجر ، لا تصل إليه الراعية، وقرئ: «يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرِجاً»۳ وحَرَجاً ، وقد حَرج صدره يَحرج حَرجَاً. ۴ انتهى .وقيل : الحرج : الضيق ، أو أشدّ أفراده ، فعل الأوّل تأكيد ، وعلى الثاني تأسيس ومبالغة في عدم قبوله الحقّ وإنكار أهله . ۵ (فإن جرى على لسانه حقّ) اتّفاقاً، أو معلّلاً بالأغراض .
(لم يُعقد قلبُه عليه)؛ لعدم اعتقاده به .(وإذا لم يُعقد قلبه عليه لم يُعطه اللّه العمل به) أي لم يوفّقه له ؛ ضرورة أنّ العمل به متوقّف على اعتقاده .
وقوله : (وأن يجعل مُنقلَبكم مُنقلَبَ الصالحين) .الانقلاب : تحوّل الشيء ظهراً لبطن ، والمنقلب ـ بضمّ الميم وفتح اللام ـ للمكان ، والمصدر كالمنصرف ، أي يجعل مرجعكم أو رجوعكم إلى اللّه ـ عزّ وجلّ ـ في القيامة ، أو
1.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۸۴ .
2.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۱۰ (ضيق) .
3.الأنعام (۶) : ۱۲۵ .
4.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۰۵ (حرج) .