أكرموا أنفسكم عن أهل الباطل ، فلا تجعلوا اللّه تعالى ـ «وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى»۱ ـ وإمامكم ودينكم الذي تدينون به عُرضة لأهل الباطل ، فتغضبوا اللّه عليكم ، فتهلكوا .فمهلاً مَهلاً يا أهل الصلاح، لا تتركوا أمر اللّه وأمر من أمركم بطاعته ، فيغيّر اللّه ما بكم من نعمة ، أحبّوا في اللّه من وصف صفتكم ، وأبغضوا في اللّه من خالفكم ، وابذُلوا مودّتكم ونصيحتكم لمن وصف صفتكم ، ولا تبذلوها لمن رغب عن صفتكم وعاداكم عليها ، وبغاكم الغوائل .هذا أدبنا أدب اللّه ، فخذوا به ، وتفهّموه ، واعقلوه ، ولا تنبذوه وراء ظهوركم ، ما وافق هداكم أخذتم به ، وما وافق هواكم اطّرحتموه ، ولم تأخذوا به .وإيّاكم والتجبّر على اللّه ، واعلموا أنّ عبداً لم يبتل بالتجبّر على اللّه إلّا تجبّر على دين اللّه ، فاستقيموا للّه ، ولا ترتدّوا على أعقابكم «فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ» ، أجارنا اللّه وإيّاكم من التجبّر على اللّه ، ولا قوّة لنا ولكم إلّا باللّه .وقال : إنّ العبد إذا كان خلقه اللّه في الأصل ـ أصل الخلق ـ مؤمناً ، لم يمت حتّى يكرّه اللّه إليه الشرّ ، ويباعده منه ، ومن كرّه اللّه إليه الشرّ وباعده منه عافاه اللّه من الكبر أن يدخله والجبريّة ، فلانت عريكته ، وحسن خلقه ، وطلق وجهه ، وصار عليه وقار الإسلام وسكينته وتخشّعه وورع عن محارم اللّه ، واجتنب مساخطه ، ورزقه اللّه مودّة الناس ومجاملتهم ، وترك مقاطعة الناس والخصومات ، ولم يكن منها ولا من أهلها في شيء .وإنّ العبد إذا كان اللّه خلقه في الأصل ـ أصل الخلق ـ كافراً، لم يمت حتّى يحبّب إليه الشرّ ، ويقرّبه منه ، فإذا حبّب إليه الشرّ ، وقرّبه منه ، ابتُلي بالكبر والجبريّة ، فقسا قلبه ، وساء خلقه، وغلظ وجهه ، وظهر فحشه ، وقلّ حياؤه ، وكشف اللّه ستره ، وركب المحارم ، فلم ينزع عنها ، وركب معاصي اللّه ، وأبغض طاعته وأهلها ، فبُعد ما بين حال المؤمن وحال الكافر .سلوا اللّه العافية ، واطلبوها إليه ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه ، صبّروا النفس على البلاء في الدنيا ؛ فإنّ تتابع البلاء فيها والشدّة في طاعة اللّه وولايته وولاية من أمر بولايته خير عاقبة عند اللّه في الآخرة من ملك الدنيا ، وإن طال تتابع نعيمها وزهرتها وغضارة عيشها في معصية اللّه وولاية من نهى اللّه عن ولايته وطاعته ؛ فإنّ اللّه أمر بولاية الأئمّة الذين سمّاهم في كتابه في قوله: «وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا» ، ۲ وهم الذين أمر اللّه