الناس بعد قبض اللّه تعالى رسوله ، وبعد عهده الذي عهده ۱ ، وأمرنا به مخالفة للّه ولرسوله صلى الله عليه و آله ، فما أحد أجرأ على اللّه ولا أبين ضلالة ممّن أخذ بذلك ، وزعم أنّ ذلك يسعه ، واللّه إنّ للّه على خلقه أن يطيعوه ويتّبعوا أمره في حياة محمّد صلى الله عليه و آله وبعد موته ، هل يستطيع اُولئك أعداء اللّه أن يزعموا أنّ أحداً ممّن أسلم مع محمّد صلى الله عليه و آله أخذ بقوله ورأيه ومقاييسه ؟ !فإن قال : نعم ، فقد كذب على اللّه ، و «ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً» ، وإن قال : لا ، لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقاييسه ، فقد أقرّ بالحجّة على نفسه ، وهو ممّن يزعم أنّ اللّه يطاع ويتّبع أمره بعد قبض اللّه رسوله ، وقد قال اللّه وقوله الحقّ : «وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ» . ۲ وذلك ليعلموا أنّ اللّه يطاع ويتّبع أمره في حياة محمّد صلى الله عليه و آله وبعد قبض اللّه محمّداً صلى الله عليه و آله ، وكما لم يكن لأحد من الناس مع محمّد صلى الله عليه و آله أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه خلافاً لأمر محمّد صلى الله عليه و آله ، فكذلك لم يكن لأحد من الناس من بعد محمّد صلى الله عليه و آله أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه .وقال : دعوا رفع أيديكم في الصلاة إلّا مرة واحدة حين تفتتح الصلاة؛ فإنّ الناس قد شهروكم بذلك ، «وَاللّهُ الْمُسْتَعانُ» ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه .وقال : أكثروا من أن تدعوا اللّه ؛ فإنّ اللّه يحبّ من عباده المؤمنين أن يدعوه ، وقد وعد عباده المؤمنين بالاستجابة ، والله مصيّر دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملاً يزيدهم به في الجنّة ، فأكثروا ذكر اللّه ما استطعتم في كلّ ساعة من ساعات الليل والنهار؛ فإنّ اللّه تعالى أمر بكثرة الذكر له، واللّه ذاكر لمن ذكره من المؤمنين .واعلموا أنّ اللّه لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلّا ذكره بخير ، فأعطوا اللّه من أنفسكم الاجتهاد في طاعته؛ فإنّ اللّه لا يُدرَك شيء من الخير عنده إلّا بطاعته واجتناب محارمه التي حرّم اللّه في ظاهر القرآن وباطنه، فإنّ اللّه تعالى قال في كتابه وقوله الحقّ : «وَذَرُوا ظاهِرَ الْاءِثْمِ وَباطِنَهُ»۳ ، واعلموا أنّ ما أمر اللّه أن تجتنبوه فقد حرّمه ۴ ، واتّبعوا آثار رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسنّته ، فخذوا بها ، ولا تتّبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلّوا ؛ فإنّ أضلّ