165
البضاعة المزجاة المجلد الأول

أمر نبيّه صلى الله عليه و آله بحبّهم ، فمن لم يحبّ من أمر اللّه بحبّه ، فقد عصى اللّه ورسوله ، ومن عصى اللّه ورسوله ومات على ذلك ، مات وهو من الغاوين .وإيّاكم والعظمة والكبر ؛ فإنّ الكبر رداء اللّه تعالى ، فمن نازع اللّه رداءه ، قصمه اللّه وأذلّه يوم القيامة .
وإيّاكم أن يبغي بعضكم على بعض ؛ فإنّها ليست من خصال الصالحين ، فإنّه من بغى صيّر اللّه بغيه على نفسه ، وصارت نصرة اللّه لمن بُغي عليه ، ومن نصره اللّه غلب ، وأصاب الظفر من اللّه .وإيّاكم أن يحسد بعضكم بعضاً ؛ فإنّ الكفر أصله الحسد .
وإيّاكم أن تعينوا على مسلم مظلوم ، فيدعو اللّه عليكم ، فيستجاب له فيكم ؛ فإنّ أبانا رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يقول : «إنّ دعوة المسلم المظلوم مستجابة» ، وليُعن بعضكم بعضاً ؛ فإنّ أبانا رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يقول : «إنّ معونة المسلم خير وأعظم أجراً من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام» .وإيّاكم وإعسار أحد من إخوانكم المؤمنين أن تعسروه بالشيء يكون لكم قبله وهو معسر ؛ فإنّ أبانا رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يقول: «ليس للمسلم أن يعسر مسلماً، ومن أنظر معسراً أظلّه اللّه يوم القيامة بظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه» .وإيّاكم أيّتها العصابة المرحومة المفضّلة على من سواها ، وحبس حقوق اللّه قبلكم يوماً بعد يوم ، وساعة بعد ساعة ؛ فإنّه من عجّل حقوق اللّه قبله كان اللّه أقدر على التعجيل له إلى مضاعفة الخير في العاجل والآجل ، وإنّه من أخّر حقوق اللّه قبله كان اللّه أقدر على تأخير رزقه ، ومن حبس اللّه رزقه لم يقدر أن يرزق نفسه ، فأدّوا إلى اللّه حقّ ما رزقكم يطيب لكم بقيّته ، وينجز لكم ما وعدكم من مضاعفته لكم الأضعاف الكثيرة ، التي لا يعلم بعددها ، ولا بكنه فضلها إلّا اللّه ربّ العالمين .وقال : اتّقوا اللّه أيّتها العصابة ، وإن استطعتم أن لا يكون منكم محرج الإمام، ۱ فإنّ ۲ محرج الإمام هو الذي يسعى بأهل الصلاح من أتباع الإمام ، المسلّمين لفضله، الصابرين على أداء حقّه ، العارفين بحرمته .واعلموا أنّ ۳ من نزل بذلك المنزل عند الإمام ، فهو محرج الإمام، ۴ فإذا فعل ذلك عند

1.في الحاشية عن بعض النسخ والوافي : «للإمام» .

2.في الوافي : «و إنّ» .

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «أنّه».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
164

الناس عند اللّه من اتّبع هواه ورأيه بغير هدى من اللّه ، وأحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم، فـ «إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها» . ۱ وجاملوا الناس ، ولا تحمّلوهم على رقابكم تجمعوا مع ذلك طاعة ربّكم .
وإيّاكم وسبّ أعداء اللّه حيث يسمعونكم ، «فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ»۲ ، وقد ينبغي لكم أن تعلموا حدّ سبّهم للّه كيف هو ، إنّه من سبّ أولياء اللّه فقد انتهك سبّ اللّه ، ومن أظلم عند اللّه ممّن استسبّ للّه ولأوليائه ، فمهلاً مهلاً ، فاتّبعوا أمر اللّه ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه .وقال : أيّتها العصابة الحافظ اللّه لهم أمرهم ، عليكم بآثار رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسنّته وآثار الأئمّة الهداة من أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله من بعده وسنّتهم ؛ فإنّه من أخذ بذلك فقد اهتدى ، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضلّ ؛ لأنّهم هم الذين أمر اللّه بطاعتهم وولايتهم ، وقد قال أبونا رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «المداومة على العمل في اتّباع الآثار والسنن ـ وإن قلّ ـ أرضى للّه ، وأنفع عنده في العاقبة من الاجتهاد في البدع واتّباع الأهواء» .ألا إنّ اتّباع الأهواء واتّباع البدع بغير هدى من اللّه ضلال ، وكلّ ضلالة ۳ بدعة ، وكلّ بدعة في النار، ولن ينال شيء من الخير عند اللّه إلّا بطاعته والصبر والرضا ؛ لأنّ الصبر والرضا من طاعة اللّه .واعلموا أنّه لن يؤمن عبد من عبيده حتّى يرضى عن اللّه فيما صنع اللّه إليه ، وصنع به على ما أحبّ وكره ، ولن يصنع اللّه بمن صبر ورضي عن اللّه إلّا ما هو أهله ، وهو خير له ممّا أحبّ وكره .وعليكم بالمحافظة «عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ» ، ۴ كما أمر اللّه به المؤمنين في كتابه من قبلكم ، وإيّاكم وعليكم بحبّ المساكين المسلمين ؛ فإنّه من حقّرهم وتكبّر عليهم ، فقد زلّ عن دين اللّه، واللّه له حاقر ماقت .وقد قال أبونا رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «أمرني ربّي بحبّ المساكين المسلمين منهم» .
واعلموا أنّه من حقّر أحداً من المسلمين ، ألقى اللّه عليه المقت منه والمحقرة حتّى يمقته الناس ، واللّه له أشدّ مقتاً .فاتّقوا اللّه في إخوانكم المسلمين المساكين ؛ فإنّ لهم عليكم حقّاً أن تحبّوهم ، فإنّ اللّه

1.الإسراء (۱۷) : ۷ .

2.الأنعام (۶) : ۱۰۸ .

3.في الوافي : «ضلال» .

4.البقرة (۲): ۲۳۸.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110492
صفحه از 630
پرینت  ارسال به