167
البضاعة المزجاة المجلد الأول

واعلموا أنّه ليس بين اللّه وبين أحد من خلقه ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا من دون ذلك من خلقه كلّهم إلّا طاعتهم له ، فجدّوا في طاعة اللّه إن سرّكم أن تكونوا مؤمنين حقّاً حقّاً ، ولا قوّة إلّا باللّه.وقال : عليكم بطاعة ربّكم ما استطعتم ، فإنّ اللّه ربّكم .
واعلموا أنّ الإسلام هو التسليم، والتسليم هو الإسلام ، فمن سلّم فقد أسلم ، ومن لم يسلّم فلا إسلام له .ومن سرّه أن يبلغ إلى نفسه في الإحسان، فليطع اللّه ؛ فإنّه من أطاع اللّه ، فقد أبلغ إلى نفسه في الإحسان .
وإيّاكم ومعاصي اللّه أن تركبوها؛ فإنّه من انتهك معاصي اللّه فركبها ، فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه ، وليس بين الإحسان والإساءة منزلة ، فلأهل الإحسان عند ربّهم الجنّة ، ولأهل الإساءة عند ربّهم النار .فاعملوا بطاعة اللّه ، واجتنبوا معاصيه ، واعلموا أنّه ليس يغني عنكم من اللّه أحد من خلقه شيئاً ، لا ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا من دون ذلك .فمن سرّه أن تنفعه شفاعة الشافعين عند اللّه ، فليطلب إلى اللّه أن يرضى عنه .
واعلموا أنّ أحداً من خلق اللّه لم يصب رضى اللّه إلّا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة وُلاة أمره من آل محمّد صلى الله عليه و آله ، ومعصيتهم من معصية اللّه ، ولم ينكر لهم فضلاً عظم ولا صغر .واعلموا أنّ المنكرين هم المكذّبون ، وأنّ المكذّبين هم المنافقون ، وأنّ اللّه قال للمنافقين وقوله الحقّ : «إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً»۱ ، ولا يفرقنّ أحد منكم ألزم اللّه قلبه طاعته وخشيته من أحد من الناس ، أخرجه اللّه من صفة الحقّ ، ولم يجعله من أهلها ؛ فإنّ من لم يجعله اللّه من أهل صفة الحقّ ، فاُولئك هم شياطين الإنس والجنّ ، وإنّ ۲ لشياطين الإنس حيلاً ومكراً وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض ، يريدون إن استطاعوا أن يردّوا أهل الحقّ عمّا أكرمهم اللّه به من النظر في دين اللّه الذي لم يجعل اللّه شياطين الإنس من أهله إرادة أن يستوي أعداء اللّه وأهل الحقّ في الشكّ والإنكار والتكذيب، فيكونون سواء كما وصف اللّه في كتابه من قوله : «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً»۳ ، ثمّ نهى اللّه أهل النصر

1.النساء (۴) : ۱۴۵ .

2.النساء (۴) : ۸۹ .

3.في الوافي : «فإنّ» .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
166

الإمام أحرج الإمام إلى أن يلعن أهل الصلاح من أتباعه المسلّمين لفضله ، الصابرين على أداء حقّه ، العارفين بحرمته ، فإذا لعنهم لإحراج أعداء اللّه الإمام صارت لعنته رحمة من اللّه عليهم ، وصارت اللعنة من اللّه ومن الملائكة ورسله ۱ على اُولئك .
واعلموا أيّتها العصابة أنّ السنّة من اللّه قد جرت في الصالحين قبل .وقال : من سرّه أن يلقى اللّه وهو مؤمن حقّاً حقّاً، فليتولّ اللّه ورسوله والذين آمنوا، وليبرأ إلى اللّه من عدوّهم ، وليسلّم لما انتهى إليه من فضلهم ؛ لأنّ فضلهم لا يبلغه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا من دون ذلك ، أ لم تسمعوا ما ذكر اللّه من فضل أتباع الأئمّة الهداة ـ وهم المؤمنون ـ قال : «فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً» . ۲ فهذا وجه من وجوه فضل أتباع الأئمّة، فكيف بهم وفضلهم ؟ !
ومن سرّه أن يتمّ اللّه إيمانه حتّى يكون مؤمناً حقّاً حقّاً ، فليتّق اللّه ۳ بشروطه التي اشترطها على المؤمنين ، فإنّه قد اشترط مع ولايته وولاية رسوله وولاية أئمّة المؤمنين عليهم السلام إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وإقراض اللّه قرضاً حسناً واجتناب الفواحش «ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ» ، فلم يبق شيء ممّا فسّر ممّا حرّم اللّه إلّا وقد دخل في جملة قوله ، فمن دان اللّه فيما بينه وبين اللّه مخلصاً للّه ، ولم يرخّص لنفسه في ترك شيء من هذا، فهو عند اللّه في حزبه الغالبين ، وهو من المؤمنين حقّاً.وإيّاكم والإصرار على شيء ممّا حرّم اللّه في ظهر القرآن وبطنه ، وقد قال اللّه : «وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ»۴ ـ إلى هاهنا رواية القاسم بن ربيع ۵ ـ يعني المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئاً ممّا اشترط اللّه في كتابه عرفوا أنّهم قد عصوا اللّه في تركهم ذلك الشيء، فاستغفروا ، ولم يعودوا إلى تركه، فذلك معنى قول اللّه : «وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» .واعلموا أنّه إنّما أمر ونهى ليطاع فيما أمر به ، ولينتهى عمّا نهى عنه، فمن اتّبع أمره فقد أطاعه ، وقد أدرك كلّ شيء من الخير عنده ، ومن لم ينته عمّا نهى اللّه عنه فقد عصاه، فإن مات على معصيته أكبّه اللّه على وجهه في النار .

1.النساء (۴) : ۶۹ .

2.آل عمران (۳) : ۱۳۵ .

3.في الوافي : «رسوله» .

4.في الوافي : «فليف للّه » .

5.في الوافي : «الربيع» .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110446
صفحه از 630
پرینت  ارسال به