واعلموا أنّه ليس بين اللّه وبين أحد من خلقه ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا من دون ذلك من خلقه كلّهم إلّا طاعتهم له ، فجدّوا في طاعة اللّه إن سرّكم أن تكونوا مؤمنين حقّاً حقّاً ، ولا قوّة إلّا باللّه.وقال : عليكم بطاعة ربّكم ما استطعتم ، فإنّ اللّه ربّكم .
واعلموا أنّ الإسلام هو التسليم، والتسليم هو الإسلام ، فمن سلّم فقد أسلم ، ومن لم يسلّم فلا إسلام له .ومن سرّه أن يبلغ إلى نفسه في الإحسان، فليطع اللّه ؛ فإنّه من أطاع اللّه ، فقد أبلغ إلى نفسه في الإحسان .
وإيّاكم ومعاصي اللّه أن تركبوها؛ فإنّه من انتهك معاصي اللّه فركبها ، فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه ، وليس بين الإحسان والإساءة منزلة ، فلأهل الإحسان عند ربّهم الجنّة ، ولأهل الإساءة عند ربّهم النار .فاعملوا بطاعة اللّه ، واجتنبوا معاصيه ، واعلموا أنّه ليس يغني عنكم من اللّه أحد من خلقه شيئاً ، لا ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا من دون ذلك .فمن سرّه أن تنفعه شفاعة الشافعين عند اللّه ، فليطلب إلى اللّه أن يرضى عنه .
واعلموا أنّ أحداً من خلق اللّه لم يصب رضى اللّه إلّا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة وُلاة أمره من آل محمّد صلى الله عليه و آله ، ومعصيتهم من معصية اللّه ، ولم ينكر لهم فضلاً عظم ولا صغر .واعلموا أنّ المنكرين هم المكذّبون ، وأنّ المكذّبين هم المنافقون ، وأنّ اللّه قال للمنافقين وقوله الحقّ : «إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً»۱ ، ولا يفرقنّ أحد منكم ألزم اللّه قلبه طاعته وخشيته من أحد من الناس ، أخرجه اللّه من صفة الحقّ ، ولم يجعله من أهلها ؛ فإنّ من لم يجعله اللّه من أهل صفة الحقّ ، فاُولئك هم شياطين الإنس والجنّ ، وإنّ ۲ لشياطين الإنس حيلاً ومكراً وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض ، يريدون إن استطاعوا أن يردّوا أهل الحقّ عمّا أكرمهم اللّه به من النظر في دين اللّه الذي لم يجعل اللّه شياطين الإنس من أهله إرادة أن يستوي أعداء اللّه وأهل الحقّ في الشكّ والإنكار والتكذيب، فيكونون سواء كما وصف اللّه في كتابه من قوله : «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً»۳ ، ثمّ نهى اللّه أهل النصر