171
البضاعة المزجاة المجلد الأول

طَالِبٍ عليه السلام ، قَالَ أَبُو حَمْزَةَ : كَانَ ۱ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام إِذَا تَكَلَّمَ فِي الزُّهْدِ ۲ وَوَعَظَ ، أَبْكى مَنْ بِحَضْرَتِهِ ، قَالَ أَبُو حَمْزَةَ :وَقَرَأْتُ صَحِيفَةً فِيهَا كَلَامُ زُهْدٍ مِنْ كَلَامِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام ، وَكَتَبْتُ مَا فِيهَا ، ثُمَّ أَتَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليه السلام ، فَعَرَضْتُ مَا فِيهَا عَلَيْهِ ، فَعَرَفَهُ ، وَصَحَّحَهُ ، وَكَانَ مَا فِيهَا :«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، كَفَانَا اللّهُ وَإِيَّاكُمْ كَيْدَ الظَّالِمِينَ، وَبَغْيَ الْحَاسِدِينَ، وَبَطْشَ الْجَبَّارِينَ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، لَا تَفْتِنَنَّكُمُ ۳ الطَّوَاغِيتُ وَأَتْبَاعُهُمْ مِنْ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِي هذِهِ الدُّنْيَا، الْمَائِلُونَ إِلَيْهَا، الْمُفْتَتِنُونَ بِهَا، الْمُقْبِلُونَ عَلَيْهَا وَعَلى حُطَامِهَا الْهَامِدِ وَهَشِيمِهَا الْبَائِدِ غَداً.وَاحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللّهُ مِنْهَا، وَازْهَدُوا فِيمَا زَهَّدَكُمُ اللّهُ فِيهِ مِنْهَا، وَلَا تَرْكَنُوا إِلى مَا فِي هذِهِ الدُّنْيَا رُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا دَارَ قَرَارٍ وَمَنْزِلَ اسْتِيطَانٍ.
وَاللّهِ ، إِنَّ لَكُمْ مِمَّا فِيهَا عَلَيْهَا دَلِيلاً ۴ وَتَنْبِيهاً مِنْ تَصْرِيفِ أَيَّامِهَا وَتَغَيُّرِ انْقِلَابِهَا وَمَثُلَاتِهَا وَتَلَاعُبِهَا بِأَهْلِهَا، إِنَّهَا لَتَرْفَعُ الْخَمِيلَ، وَتَضَعُ الشَّرِيفَ، وَتُورِدُ أَقْوَاماً إِلَى النَّارِ غَداً.فَفِي هذَا ۵ مُعْتَبَرٌ وَمُخْتَبَرٌ وَزَاجِرٌ لِمُنْتَبِهٍ، إِنَّ الْأُمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَيْكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ مُظْلِمَاتِ ۶ الْفِتَنِ ، وَحَوَادِثِ الْبِدَعِ ، وَسُنَنِ الْجَوْرِ ، وَبَوَائِقِ الزَّمَانِ ، وَهَيْبَةِ السُّلْطَانِ ، وَوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ ، لَتُثَبِّطُ الْقُلُوبَ عَنْ تَنَبُّهِهَا، وَتُذْهِلُهَا عَنْ مَوْجُودِ الْهُدى وَمَعْرِفَةِ أَهْلِ الْحَقِّ إِلَا قَلِيلاً مِمَّنْ عَصَمَ اللّهُ، فَلَيْسَ يَعْرِفُ تَصَرُّفَ أَيَّامِهَا وَتَقَلُّبَ حَالَاتِهَا وَعَاقِبَةَ ضَرَرِ فِتَنِهَا ۷ إِلَا مَنْ عَصَمَ اللّهُ، وَنَهَجَ سَبِيلَ الرُّشْدِ، وَسَلَكَ طَرِيقَ الْقَصْدِ، ثُمَّ اسْتَعَانَ عَلى ذلِكَ بِالزُّهْدِ، فَكَرَّرَ الْفِكْرَ، وَاتَّعَظَ بِالصَّبْرِ ۸ ، فَازْدَجَرَ، وَزَهِدَ فِي

1.في الطبعة القديمة للكافي: + «الإمام».

2.في الحاشية: «الزهد: ترك الدنيا، وصرف الإرادة عنها، والفرار عن متاعها ومناهيها . وقيل : الزهد ثلاثة أحرف ؛ فالزاء ترك الزينة ، والهاء ترك الهوى ، والدال ترك الدنيا . وقيل : هو صرف الهمّة إلى اللّه تعالى ، ورفض حلال الدنيا فضلاً عن حرامها . وقال عليّ بن الحسين عليهماالسلام : إنّ الزهد في آية من كتاب اللّه عزّو جلّ : «لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلَا تَفرَحُوا بِما آتَاكُمْ» [الحديد (۵۷) : ۲۳] . صالح» . شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۱۸۶ و۱۸۷ .

3.في كلتا الطبعتين : «لا يفتننّكم».

4.في الطبعة القديمة للكافي والوافي وشرح المازندراني : «لدليلاً».

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «فهل من» بدل «ففي هذا» .

6.في الحاشية عن بعض النسخ: «مظلاّ ت». وفي بعض نسخ الكافي والوافي : «ملمّات» .

7.في كلتا الطبعتين وحاشية النسخة عن بعض النسخ: «فتنتها».

8.في الحاشية عن بعض النسخ: «بالعبر».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
170

عليه لم يعطه اللّه العمل به ، فإذا اجتمع ذلك عليه حتّى يموت ـ وهو على تلك الحال ـ كان عند اللّه من المنافقين ، وصار ما جرى على لسانه من الحقّ الذي لم يعطه اللّه أن يعقد قلبه عليه ، ولم يعطه العمل به حجّة عليه .فاتّقوا اللّه ، وسلوه أن يشرح صدوركم للإسلام ، وأن يجعل ألسنتكم تنطق بالحقّ ، حتّى يتوفّاكم وأنتم على ذلك ، وأن يجعل منقلبكم منقلب الصالحين قبلكم ، ولا قوّة إلّا باللّه ، «وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» .ومن سرّه أن يعلم أنّ اللّه يحبّه ، فليعمل بطاعة اللّه وليتّبعنا ، ألم يسمع قول اللّه تعالى لنبيّه صلى الله عليه و آله : «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ»۱ ،واللّه لا يطيع اللّه عبد أبداً إلّا أدخل اللّه عليه في طاعته اتّباعنا ، ولا واللّه لا يتّبعنا عبد أبداً إلّا أحبّه اللّه ، ولا واللّه لا يدع اتّباعنا أحد أبداً إلّا أبغضنا ، ولا واللّه لا يبغضنا أحد أبداًإلّا عصى اللّه ، ومن مات عاصياً للّه أخزاه اللّه ، وأكبّه على وجهه في النار ، «وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» .

متن الحديث الثاني

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ،۲عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ؛ وَ۳عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ،۴عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ ،۵عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ،۶قَالَ :مَا سَمِعْتُ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كانَ أَزْهَدَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام إِلَا مَا بَلَغَنِي عَنْ ۷ عَلِيِّ بْنِ أَبِي

1.آل عمران (۳) : ۳۱ .

2.في الحاشية: «ثقة على الظاهر».

3.في السند تحويل بعطف طبقتين على طبقتين .

4.في الحاشية: «عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، ثقة ، ثبت، معتمد، صحيح المذهب، وهذا هو الذي روى عنه محمّد بن يعقوب الكليني عنه ، وروى عنه إبراهيم بن هاشم القمّي ، ولم أقف لأحد من أصحابنا على قول بقدح فيه، و[لا ]تعديل بالتنصيص ، والمروي عنه كثير. الخلاصة . المصحّح» . اُنظر : رجال النجاشي ، ص ۱۶ ، الرقم ۱۸ ؛ رجال الشيخ ، ص۳۵۳ ، الرقم ۵۲۲۴ ؛ الفهرست ، ص ۴ ، الرقم ۶ ؛ خلاصة الأقوال ، ص ۴۹ ، الرقم ۹ .

5.في الحاشية: «مالك بن عطيّة الأحمسي أبو الحسين البجلي الكوفي ، ثقة. مصحّح». رجال النجاشي ، ص ۴۲۲ ، الرقم ۲۰۳۲ ؛ خلاصة الأقوال ، ص ۲۷۷ ، الرقم ۲ .

6.في الحاشية: «أبو حمزة هو ثابت بن دينار الثمالي، ودينار أبوه يكنّى بأبي صفيّة، كوفي ، ثقة، لقي السجّاد والباقر والصادق والكاظم عليهم السلام ، وكان من صالح أصحابنا، ونقل عن الرضا عليه السلام أبو حمزة في زمانه كسلمان في زمانه. مصحّح». وانظر : رجال الطوسي ، ص ۳۳۳ ، الرقم ۴۹۵۹ ؛ خلاصة الأقوال ، ص ۸۵ ، الرقم ۵ .

7.في الطبعة القديمة للكافي: «من».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108570
صفحه از 630
پرینت  ارسال به