173
البضاعة المزجاة المجلد الأول

نَفْسٌ إِلَا بِإِذْنِهِ» . 1 وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ لَا يُصَدِّقُ يَوْمَئِذٍ كَاذِباً، وَلَا يُكَذِّبُ صَادِقاً، وَلَا يَرُدُّ عُذْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَلَا يَعْذِرُ غَيْرَ مَعْذُورٍ، لَهُ الْحُجَّةُ عَلى خَلْقِهِ بِالرُّسُلِ وَالْأَوْصِيَاءِ بَعْدَ الرُّسُلِ .فَاتَّقُوا اللّهَ عِبَادَ اللّهِ، وَاسْتَقْبِلُوا مِنْ 2 إِصْلَاحِ أَنْفُسِكُمْ 3 ، وَطَاعَةِ اللّهِ وَطَاعَةِ مَنْ تَوَلَّوْنَهُ فِيهَا، لَعَلَّ نَادِماً قَدْ نَدِمَ فِيمَا فَرَّطَ بِالْأَمْسِ فِي جَنْبِ اللّهِ، وَضَيَّعَ مِنْ حُقُوقِ اللّهِ.وَاسْتَغْفِرُوا اللّهَ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ، وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَةِ، وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ.
وَإِيَّاكُمْ وَصُحْبَةَ الْعَاصِينَ، وَمَعُونَةَ الظَّالِمِينَ، وَمُجَاوَرَةَ الْفَاسِقِينَ، احْذَرُوا فِتْنَتَهُمْ 4 ، وَتَبَاعَدُوا مِنْ 5 سَاحَتِهِمْ.وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ خَالَفَ أَوْلِيَاءَ اللّهِ، وَدَانَ بِغَيْرِ دِينِ اللّهِ، وَاسْتَبَدَّ بِأَمْرِهِ دُونَ أَمْرِ وَلِيِّ اللّهِ، كَانَ فِي نَارٍ تَلْتَهِبُ ، تَأْكُلُ أَبْدَاناً قَدْ غَابَتْ عَنْهَا أَرْوَاحُهَا، وَغَلَبَتْ عَلَيْهَا شِقْوَتُهَا، فَهُمْ مَوْتى لَا يَجِدُونَ حَرَّ النَّارِ، وَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَوَجَدُوا مَضَضَ حَرِّ النَّارِ.وَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ، وَاحْمَدُوا اللّهَ عَلى مَا هَدَاكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَا تَخْرُجُونَ مِنْ قُدْرَةِ اللّهِ إِلى غَيْرِ قُدْرَتِهِ، «وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ» 6 ثُمَّ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، فَاتَّعِظُوا 7 بِالْعِظَةِ ، وَتَأَدَّبُوا بِآدَابِ الصَّالِحِينَ» .

شرح

السند صحيح.
قوله عليه السلام : (كفانا اللّه وإيّاكم كيدَ الظالمين، وبغيَ الحاسدين، وبطشَ الجبّارين) .

1.هود (۱۱): ۱۰۵.

2.في الطبعة القديمة للكافي وحاشية النسخة عن بعض النسخ: «في».

3.في الحاشية: «أي الخالق والمخلوق ، وحقيقته تهذيب النفس عن الرذائل وتزيينها بالفضائل ، وتعدية الاستقبال ب «في» باعتبار تضمينه بمعنى السعي ، أو الشروع ، أو بمعنى «على» . صالح» . شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۶ . ولا يخفى أنّ هذا التفسير مناسب إذا كان المتن : «في إصلاح أنفسكم» كما في بعض النسخ والطبعة القديمة وشرح المازندراني .

4.في الحاشية عن بعض نسخ الكافي: «فتنهم».

5.في الحاشية عن بعض نسخ الكافي: «عن».

6.التوبة (۹) : ۹۴ . وفي الطبعة الجديدة وجميع النسخ التي قوبلت فيها والوافي وشرح المازندراني : ـ «ورسوله» .

7.في كلتا الطبعتين وحاشية النسخة: «فانتفعوا» .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
172

عَاجِلِ بَهْجَةِ الدُّنْيَا، وَتَجَافى عَنْ لَذَّاتِهَا، وَرَغِبَ فِي دَائِمِ نَعِيمِ الْاخِرَةِ، وَسَعى لَهَا سَعْيَهَا، وَرَاقَبَ 1 الْمَوْتَ، وَشَنَأَ الْحَيَاةَ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، نَظَرَ إِلى مَا فِي الدُّنْيَا بِعَيْنٍ نَيِّرَةٍ، حَدِيدَةَ النَّظَرِ 2 ، وَأَبْصَرَ حَوَادِثَ الْفِتَنِ وَضَلَالَ الْبِدَعِ وَجَوْرَ الْمُلُوكِ الظَّلَمَةِ، فَلَقَدْ 3 لَعَمْرِي اسْتَدْبَرْتُمُ الْأُمُورَ الْمَاضِيَةَ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْفِتَنِ الْمُتَرَاكِمَةِ، وَا لأْهِمَاكِ فِيمَا تَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلى تَجَنُّبِ الْغُوَاةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَالْبَغْيِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ .فَاسْتَعِينُوا بِاللّهِ، وَارْجِعُوا إِلى طَاعَةِ اللّهِ وَطَاعَةِ مَنْ هُوَ أَوْلى بِالطَّاعَةِ مِمَّنِ اتُّبِعَ، فَأُطِيعَ .
فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ قَبْلِ النَّدَامَةِ وَالْحَسْرَةِ وَالْقُدُومِ عَلَى اللّهِ وَالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ .وَتَاللّهِ مَا صَدَرَ قَوْمٌ قَطُّ عَنْ مَعْصِيَةِ اللّهِ إِلَا إِلى عَذَابِهِ، وَمَا آثَرَ قَوْمٌ قَطُّ الدُّنْيَا عَلَى الْاخِرَةِ إِلَا سَاءَ مُنْقَلَبُهُمْ، وَسَاءَ مَصِيرُهُمْ .
وَمَا الْعِلْمُ بِاللّهِ وَالْعَمَلُ إِلَا إِلْفَانِ مُؤْتَلِفَانِ؛ فَمَنْ عَرَفَ اللّهَ خَافَهُ، وَحَثَّهُ الْخَوْفُ عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللّهِ، وَإِنَّ أَرْبَابَ الْعِلْمِ وَأَتْبَاعَهُمُ الَّذِينَ عَرَفُوا اللّهَ، فَعَمِلُوا لَهُ، وَرَغِبُوا إِلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ اللّهُ : «إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» 4 ، فَلَا تَلْتَمِسُوا شَيْئاً مِمَّا فِي هذِهِ الدُّنْيَا بِمَعْصِيَةِ اللّهِ 5 ، وَاشْتَغِلُوا فِي هذِهِ الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللّهِ، وَاغْتَنِمُوا أَيَّامَهَا، وَاسْعَوْا لِمَا فِيهِ نَجَاتُكُمْ غَداً مِنْ عَذَابِ اللّهِ؛ فَإِنَّ ذلِكَ أَقَلُّ لِلتَّبِعَةِ، وَأَدْنى مِنَ الْعُذْرِ، وَأَرْجى لِلنَّجَاةِ .وَقَدِّمُوا 6 أَمْرَ اللّهِ، وَطَاعَةَ مَنْ 7 أَوْجَبَ اللّهُ طَاعَتَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَلَا تُقَدِّمُوا الْأُمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَيْكُمْ مِنْ طَاعَةِ الطَّوَاغِيتِ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَبِيدُ اللّهِ، وَنَحْنُ مَعَكُمْ، يَحْكُمُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ سَيِّدٌ حَاكِمٌ غَداً، وَهُوَ مُوقِفُكُمْ وَمُسَائِلُكُمْ، فَأَعِدُّوا الْجَوَابَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَالْمُسَاءَلَةِ وَالْعَرْضِ عَلى رَبِّ الْعَالَمِينَ، يَوْمَئِذٍ «لَا تَكَلَّمُ

1.في الحاشية عن بعض النسخ والوافي : «راغب».

2.في الطبعة القديمة للكافي وحاشية النسخة عن بعض النسخ: «البصر».

3.في الحاشية عن بعض النسخ والوافي وشرح المازندراني : «فقد».

4.فاطر(۳۵) : ۲۸ .

5.في الحاشية: «نهى عن اكتساب المعصية مطلقاً، ومنها الدنيا المانعة من الطاعة ، أو المفضية إلى ترك الطهارة كبعض الأسفار للتجارة. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۴ .

6.في الطبعة القديمة للكافي : «فقدّموا».

7.في الحاشية: «أمر عليه السلام بتقديم أمر اللّه تعالى ، وطاعة الإمام المنصوب من قبله على جميع الاُمور الدنيويّة وإن كانت مباحة ، ولا يتحقّق ذلك إلّا بمراقبة العبد جميع حركاته وسكناته. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108517
صفحه از 630
پرینت  ارسال به