والمعنى: فلا يضلّنّكم، ولا تمدّنّ عينيك إلى ما هم فيه من كثرة النعم والتسلّط على الغير؛ فإنّها حجب حائلة بين العبد والربّ لو كانت مباحة، فكيف بالحرام؟! ۱ وقال الجوهري : «الحُطام بالضمّ: ما تكسر من اليبيس» . ۲
وقال الفيروزآبادي : «الهامد : البالي المسوّد المتغيّر، واليابس من النبات، ومن المكان : ما لا نبات به» . ۳ وقال: «الهَشم: كسر الشيء اليابس أو الأجوف، أو كسر العظام والرأس خاصّة ، أو كلّ شيء ، هشمه يهشمه فهو مهشوم وهشيم» . ۴ وقال : «باد يَبيد بَوداً وبيدودة: ذهب، وانقطع . والشمس بيوداً : غربت» ۵ انتهى.
وقوله: (غداً) ظرف للبائد، أو للهامد أيضاً، والظاهر أنّه كناية عن القيامة . وقيل: عن وقت الموت، أو قبله في أقرب الأوقات، أو بعده . ۶ والمراد بالحطام والهشيم متاع الدنيا سمّاه بهما ووصفه بما ذكر تحقيراً له وتنفيراً عنه على سبيل الاستعارة، ووجه المشابهة أنّ معناهما وهو النبات اليابس، كما أنّه لا نفع له بالنسبة إلى ما تبقى خُضرته ونضرته، ويكون ذا ثمرة، كذلك متاع الدنيا بالنسبة إلى الأعمال الصالحة الباقية في الآخرة ، على أنّ في الهشيم لو كان بمعنى الهاشم، إشارة إلى معنى آخر، وهو أنّه يكسر عقله في الدنيا، وقدره في الآخرة، كما أنّ في وصفة بالبائد إشارة إلى انقطاعه وزواله سريعاً ، فلا ينبغي أن يتوجّه العاقل إلى الكاسر له والزائل عنه.
وقد ذكر للطواغيت أوصاف أربعة مترتّبة:
الأوّل : الرغبة في الدنيا، وهي بمنزلة إرادتها بمن تصوّرها وتصوّر منافعها الزائلة.والثاني : الميل إليها، وهي بمنزلة العزم لها.
والثالث : الافتتان بها ، أي إصابة فتنها ، وقبول ضلالها حتّى العقل الداعي إلى الخيرات الاُ خرويّة، ويحصل القوّة الداعية إلى الدنيا وجمع زخارفها.
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۸۷ .
2.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۰۱ (حطم) .
3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۴۸ (همد) .
4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۹۰ (هشم) .
5.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۷۹ (بود) .
6.قال المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۱، ص ۱۸۷ .