177
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وقيل: هو إلباس أسبابها الخسيسة بالصور الحسنة، وتزيينها عند أهلها، وهذا العمل شبيه بالملاعبة، وفي الصيغة الدالّة على وقوع الفعل من الطرفين دلالة على وقوعه منها على وجه الكمال، وهذا العمل كما يسمّى ملاعبة كذلك يسمّى خدعة وغُروراً على سبيل المكنيّة والتخييليّة، وفيه ترغيب لتنبيه اللبيب في الاتّعاظ من تصاريفها وتقلّبها على أهلها ، وعدم ثباتها على وجه واحد، كما تشهد عليه الديار الخالية والمنازل الخالية عن أهلها وسكّانها، فإنّ المتيقّظ إذا عرف هذه الاُمور وتدبّرها، اتّعظ بها، واعتبر منها . ۱ وقوله عليه السلام : (إنّها لتَرفع الخَميل ... ) ۲ كالبيان والدليل لسابقه.
ولعلّ المراد بالخميل الخامل، وهو الخفيّ الذكر، والساقط الذي لا نباهة له . ۳ (وتضع الشريف، وتورد أقواماً إلى النار غداً) أي تصير سبباً لدخولهم فيها بإعطاء لذّاتها وشهواتها الموجبة له.
(ففي هذا) الذي ذكر من تصريف أيّامها، إلخ.(معتبر ومختبر) اسمان بفتح الباء فيهما للمكان.
وفي بعض النسخ: «فهل من معتبر ومختبر»، وعلى هذه يكونان بصيغة اسم الفاعل.(وزاجر لمنتبه) أي لكلّ من تنبّه ويتّعظ.
والمراد به العاقل، وخصّصه بالذكر؛ لأنّه هو المقصود بالخطاب.وفي القاموس: «النُبه بالضمّ: الفطنة ، والقيام من النوم، وأنبهته ونبّهته ، فتنبّه وانتبه» . ۴
(إنّ الاُمور الواردة عليكم في كلّ يوم وليلة من مُظلمات الفتن) .وفي بعض النسخ: «من مُضلّات الفتن» . وفي بعضها: «من مُلمّات» . والمُلمّة: النازلة من نوازل الدنيا .
والظاهر أنّ كلمة «من» بيان للاُمور، ويحتمل كونها ابتدائيّة، أي الاُمور الناشئة منها .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۱، ص ۱۸۸.

2.في الحاشية: «الخُمول: ناپديد وبى نام شدن».

3.في الحاشية: «النُباهة: بزرگوار شدن. ونسبة هذه الأفعال إلى الدنيا باعتبار أنّها سبب متأدّى لها». شرح المازندراني ، ج۱۱ ، ص ۱۸۸ .

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۹۳ (نبه).


البضاعة المزجاة المجلد الأول
176

والرابع : الإقبال عليها، وصرف العمر في تحصيلها وضبطها.وعائد الموصول في قوله: (ما حذّركم اللّه منها) محذوف، وضمير التأنيث عائد إلى الدنيا، وعوده إلى الموصول باعتبار كونه عبارة من الدنيا بعيد، وأيضاً لا يناسب قوله: (وازهدوا فيما زهّدكم اللّه فيه منها) .(ولا تركنوا إلى ما في هذه الدنيا) .
الركون: الميل والسكون . يقال: ركن إليه، كنصر وعلم ومنع.والغرض من التشبيه في قوله: (ركون من اتّخذها دارَ قرار ومنزل استيطان) أنّ الدنيا مذمومة من هذه الجهة، وهي الرضا بها، واتّخاذها وطناً ودار إقامة كما هو عادة أهل الدنيا، والراغبين إليها، وإلّا فهي من حيث كونها محلًا للعبادة والعبرة، وتزوّد التقوى للآخرة ممدوحة .(واللّه إنّ لكم ممّا فيها عليها دليلاً) .
في بعض النسخ: «لدليلاً».(وتنبيهاً من تصريف أيّامها) .
كلمة «من» بيان للموصول.وقيل: المراد من التصريف ذهاب قوم ومجي?آخرين، لا في الذاهبين رجوع إلى الدنيا، ولا في الآخرين سكون فيها . ۱ (وتغيّر انقلابها) أي تغيّر الأمن والصحّة والرخاء ونحوها إلى الخوف والسقم والشدّة بالعكس.
(ومَثُلاتها) عطف على التصريف، أي شدائدها وعقوباتها.قال الجزري والجوهري : «المَثُلة بفتح الميم وضمّ الثاء: العقوبة، والجمع: المَثُلات» . ۲ (وتَلاعُبها بأهلها) بأن عرضت زينتها وزخارفها عليهم، فإذا أقبلوا إليها، واطمأنّوا بها، أدبرت عنهم.

1.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۸۸ .

2.الصحاح، ج ۵، ص ۱۸۱۶ (مثل). وراجع: النهاية، ج ۴، ص ۲۹۴ (مثل).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108609
صفحه از 630
پرینت  ارسال به