(وسعى لها سعيها) أي ما هو حقّها من السعي . ۱ وقيل في ذكر المصدر وإضافته إلى الآخرة مبالغة وترغيب في السعي والاجتهاد لها، والإتيان بأسبابها ومنافعها على قدر الإمكان . ۲ (وراقب الموت) .
يقال: راقب الشيء، إذا انتظره، أو حرسه . وراقبه أيضاً ، إذا خافه .ولا شكّ أنّ مراقبة الموت وانتظاره دائماً وعدم نسيانه تزعج النفوس إلى التهيّؤ لاُمور الآخرة، وسلوك سبيل الجنّة .
ونِعم ما قيل : ممّا يعين على مراقبته أن يتصوّر أيّام عمره فراسخ ، وساعاته أميالاً ، وأنفاسه خطوات ، [فكم] من شخص بقيت له فراسخ ، وآخر بقيت له أميال ، وآخر بقيت له خطوات ، ولما لم يكن له علم ببقاء شيء من ذلك ، فليجوز وجود الموت في الآن الموجود هو فيه، وليتعوّذ باللّه من وروده على غير عدّة . ۳ (وشنأ الحياة) أي أبغضها (مع القوم الظالمين)؛ لعلمه بأنّ التعيّش معهم يوجب خسران المبين وفساد الدين ، مع كراهه مخالطة الظالمين ، ومشاهدة مخالفة ربّ العالمين.قال الفيروزآبادي: «شنأه ـ كمنعه وسمعه ـ شنئاً، ويثلّث، وشنآناً: أبغضه». ۴
(نظر إلى ما في الدنيا بعَين نَيّرة) .في بعض النسخ: «بعين قَرَّة» . يقال: قرّت عينه تقرّ ـ بالكسر والفتح ـ قُرّة ـ ويضمّ ـ وقُروراً، أي بردت، وانقطع بكاؤها، أو رأت ما كانت متشوّقة إليه.وإنّما وصفت العين بالمصدر مبالغة . وقيل: هذا كالتأكيد للسابق، ولذا ترك العطف.
والمراد بكونها نيّرة كونها في غاية الحرّة ، كما أشار إليه بقوله: (حديدة النظر).في بعض النسخ: «البصر» بدل «النظر»، وهي صفة ثانية للعين، والإضافة لفظيّة، فلا يفوت المطابقة.
1.قال العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۱ : «[وهو] إشارة إلى قوله تعالى : «وَ مَنْ أَرَادَ الْأَخِرَةَ وَ سَعَى لَهَا سَعْيَهَا» الآية» [الإسراء (۱۷) : ۱۹] .
2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۱ .
3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۹ (شنأ).