181
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(وسعى لها سعيها) أي ما هو حقّها من السعي . ۱ وقيل في ذكر المصدر وإضافته إلى الآخرة مبالغة وترغيب في السعي والاجتهاد لها، والإتيان بأسبابها ومنافعها على قدر الإمكان . ۲ (وراقب الموت) .
يقال: راقب الشيء، إذا انتظره، أو حرسه . وراقبه أيضاً ، إذا خافه .ولا شكّ أنّ مراقبة الموت وانتظاره دائماً وعدم نسيانه تزعج النفوس إلى التهيّؤ لاُمور الآخرة، وسلوك سبيل الجنّة .
ونِعم ما قيل : ممّا يعين على مراقبته أن يتصوّر أيّام عمره فراسخ ، وساعاته أميالاً ، وأنفاسه خطوات ، [فكم] من شخص بقيت له فراسخ ، وآخر بقيت له أميال ، وآخر بقيت له خطوات ، ولما لم يكن له علم ببقاء شيء من ذلك ، فليجوز وجود الموت في الآن الموجود هو فيه، وليتعوّذ باللّه من وروده على غير عدّة . ۳ (وشنأ الحياة) أي أبغضها (مع القوم الظالمين)؛ لعلمه بأنّ التعيّش معهم يوجب خسران المبين وفساد الدين ، مع كراهه مخالطة الظالمين ، ومشاهدة مخالفة ربّ العالمين.قال الفيروزآبادي: «شنأه ـ كمنعه وسمعه ـ شنئاً، ويثلّث، وشنآناً: أبغضه». ۴
(نظر إلى ما في الدنيا بعَين نَيّرة) .في بعض النسخ: «بعين قَرَّة» . يقال: قرّت عينه تقرّ ـ بالكسر والفتح ـ قُرّة ـ ويضمّ ـ وقُروراً، أي بردت، وانقطع بكاؤها، أو رأت ما كانت متشوّقة إليه.وإنّما وصفت العين بالمصدر مبالغة . وقيل: هذا كالتأكيد للسابق، ولذا ترك العطف.
والمراد بكونها نيّرة كونها في غاية الحرّة ، كما أشار إليه بقوله: (حديدة النظر).في بعض النسخ: «البصر» بدل «النظر»، وهي صفة ثانية للعين، والإضافة لفظيّة، فلا يفوت المطابقة.

1.قال العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۱ : «[وهو] إشارة إلى قوله تعالى : «وَ مَنْ أَرَادَ الْأَخِرَةَ وَ سَعَى لَهَا سَعْيَهَا» الآية» [الإسراء (۱۷) : ۱۹] .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۱ .

3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۹ (شنأ).


البضاعة المزجاة المجلد الأول
180

والرشد بالضمّ وبضمّتين: الهداية ، والاستقامة على طريق الحقّ مع تصلّب فيه.(وسلك طريق القصد) .
لعلّ الإضافة بيانيّة. وفي القاموس: «القصد: استقامة الطريق ، والاعتماد» . ۱
(ثمّ استعان على ذلك) المذكور من العصمة وما عطف عليها .(بالزهد) في الدنيا، وعدم الرغبة إلى زخارفها .
(فكرّر الفكر) في أحوال الدنيا وانقلاباتها وتصرّفاتها، وتكرير الفكر فيها يوجب ملكة الاعتبار وقوّة الانزجار .(واتّعظ بالصبر) . الباء للتلبّس، وكونها صلة للاتّعاظ بعيد.
وفي بعض النسخ: «بالعبر» ، وهو أظهر.(فازدجر) .
الاتّعاظ: قبول الموعظة . والزجر: المنع والنهي. يقال: زجره وازدجره ، فانزجر وازدُجر، يتعدّى ولا يتعدّى، أي قبل الموعظة من أحوال الماضين، أو من أحوال الدنيا وتقلّب أوضاعها ، متلبّساً بالصبر على مكارهها ومصائبها .أو المراد بالصبر عدم التسرّع في الفكر والتأمّل ، والغور والتعمّق في المقدّمات ومباديها، فازدجر ، ومنع النفس من الميل إلى الدنيا وزينتها .(وزهد في عاجل بَهجة الدنيا) .
يقال: زهد في الشيء وعن الشيء ـ كعلم ـ إذا لم يرغب فيه، وزهد ـ كمنع ـ لغة فيه.والبهجة بالفتح: الحسن، وبهجة الدنيا: نعيمها وزخارفها .
وإضافة العاجل إليها إمّا بيانيّة، أو من قبيل إضافة الصفة إلى موصوفها.(وتَجافى) أي بَعُد وامتنع (عن لذّاتها ، ورغب في دائم نعيم الآخرة).
قال الجوهري : «تجافى جنبه عن الفراش: نَبا» . ۲ وفي القاموس: «جفا الشيء جَفاء وتجافى: لم يلزم مكانه، وجفا عليه كذا : ثقل . والجفأ نقيض الصلة» . ۳

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۲۷ (قصد) .

2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۰۳ (جفا) .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۱۲ (جفا) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108585
صفحه از 630
پرینت  ارسال به