183
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(من الفتن المُتراكمة) بيان للاُمور .قال الفيروزآبادي : «الرَّكم: جمع الشيء فوق آخر حتّى يصير رُكاماً مركوماً كركام الرَّمل ، وارتكم الشيء وتراكم: اجتمع» . ۱ (والانهماك فيما تَستدلّون به) عطف على الفتن، أو على الاُمور بعيداً .
قال الجوهري : «انهمك الرجل في الأمر: جدّ ولجّ» . ۲ (على تجنّب الغُواة وأهل البدع والبَغي والفَساد في الأرض بغير الحقّ) .
اللام في الانهماك عوض عن المضاف إليه، أي ومن انهماكهم وتماديهم فيما تستدلّون به من أشياء فانية، ودولات زائلة، وبدعهم وبغيهم وفسادهم في الأرض، وما ورد عليهم بسبب ذلك من النكال والوبال والعقوبات الدنيويّة على الاجتناب منهم والبعد عنهم، وعدم الاعتماد على ملكهم وعزّهم.وفي تحف العقول : «والانهماك فيها ما تستدلّون» ۳ ، ولعلّه هو الصواب .
(فاستعينوا باللّه) على طاعته ، وطاعة ولىّ أمره.وقيل: على التجنّب منهم ومن صفاتهم، أو على دفع الشدائد كلّها . ۴
والأوّل أنسب بقوله: (وارجعوا إلى طاعة اللّه، وطاعة من هو أولى بالطاعة) من الرسول واُولى الأمر .(ممّن اتُّبع فاُطيع) .
الجارّ متعلّق ب «أولى» ، و«اتُّبع» على صيغة المجهول، والمستتر فيه راجع إلى الموصول، وكذا قوله: «فاُطيع»، أي من كان إطاعة الناس له بمجرّد أنّ جماعة من أهل الباطل اتّبعوه وبايعوه كالخلفاء الجور.وقيل: يدلّ التفريع على أنّ الاتّباع غير الإطاعة، وهو كذلك؛ لأنّ الأوّل اعتقاد أنّه حقّ، والثاني اقتفاؤه في أقواله وأفعاله وسيرته المبتدعة .

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۲۲ (ركم) .

2.الصحاح، ج۴، ص ۱۶۱۷ (همك).

3.تحف العقول ، ص ۲۵۳ .

4.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۲ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
182

واُريد بحدّتها بلوغها إلى نهاية ما في الدنيا من المفاسد والمقابح ، ظاهرة أو مخفيّة، حسّيّة أو عقليّة .(وأبصر حوادث الفتن) المذكورة وغيرها.(وضَلال البدع) .
الإضافة فيهما بيانيّة، أو لاميّة، أي الاُمور الحادثة في الدين من اختراع المضلّين.(وجورَ الملوك الظَّلَمة) جمع ظالم.
(فلقد لَعَمْري) .في بعض النسخ: «فقد».
قال الفيروزآبادي : «العمر بالفتح وبالضمّ وبضمّتين: الحياة، وبالفتح: الدين. قيل: ومنه «لَعَمري» ، ويحرّك» . ۱ (استدبرتم الاُمور الماضية في الأيّام الخالية) أي الماضية من أيّام الدنيا.
قال بعض الشارحين في شرح هذا الكلام : «أي فقد استدبرتم، حذف الفعل لوجود المفسّر» .وأقول : أنت خبير بما فيه ؛ فإنّ توسيط القسم بين «قد» ومدخوله جائز، ومثله في الكلام كثير، وفي الأدعية السجّاديّة: «قد وعزّتك بلغ بي مَجهودي» ۲ ، فلا يحتاج إلى ارتكاب الحذف.ثمّ قال:
وقد ، لتقريب الماضي إلى الحال ؛ لإحضار مضمونه عند المخاطب، وهو أدخل في التحريص على التفكّر فيه، واللام للابتداء، والخبر محذوف وجوباً ؛ لقيام جواب القسم مقامه، أي لواهب عمري قسمي على حذف المضاف .أو المراد به صورة القسم تأكيداً لمضمون الكلام وترويجه، وليس المراد به القسم حقيقة، فلا يردّ أنّه لا يقسم بغير اللّه . ۳

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۱ .

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹۵ (عمر) .

3.راجع : الكافي ، ج ۳ ، ص ۳۲۵ ، باب السجود والتسبيح والدعاء فيه ... ، ح ۱۷؛ الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳۲۹ ، باب سجدة الشكر والقول فيها ، ح ۹۶۷ ؛ التهذيب ، ج ۲ ، ص ۱۱۰ ، باب كيفيّة الصلاة وصفتها و... ، ح ۱۸۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108589
صفحه از 630
پرینت  ارسال به