187
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وكلمه «من» للابتداء، والظرف في محلّ النصب على الحاليّة، أي اُموراً ناشئة من طاعة الطواغيت.ويحتمل كونها بياناً للاُمور.
وكذا في قوله: (من زَهرة الدنيا) يحتمل كونها بياناً لطواغيت، وكونها ابتدائيّة عطفاً على «من» الاُولى بتقدير العاطف.ويحتمل كونها بياناً للاُمور، أي لا تقدّموا على طاعة اللّه الاُمور التي تحصل لكم بسبب طاعة الطواغيت، وتلك الاُمور هي زهرات الدنيا.

وقد تلخّص لك ممّا ذكرنا وجوه :

الأوّل: كون كلمة «من» في الموضعين للابتداء .والثاني: كونها فيهما للبيان .
والثالث: كونها في الأوّل ابتدائيّة ، وفي الثاني بيانيّة .والرابع: عكسه .
وعلى الثاني والثالث يحتمل كونها بياناً للاُمور، أو للطواغيت . وعليك بالتأمّل في ترجيح بعض تلك الوجوه على البعض.(من زَهرة الدنيا) بسكون الهاء ، وقد يحرّك: بهجتها ونضارتها وحسنها ومتاعها.
(بين يدي اللّه وطاعته وطاعة اُولي الأمر منكم) .نهى عليه السلام عن تقديم طاعة الطواغيت من الجنّ والإنس، وتقديم زهرة الدنيا على أمر اللّه وطاعته وطاعة اُولي الأمر، كما هو شأن أكثر أبناء الدنيا والراغبين إليها؛ لأنّ ذلك يوجب الحرمان والخسران في الآخرة ، بل في الدنيا أيضاً .(واعلموا أنّكم عَبيد اللّه ، ونحن معكم) .
قيل : أي بين أظهركم إن اُريد به المعيّة في الوجود، أو عالمون بأحوالكم وأعمالكم، وقد مرّ في الاُصول أنّهم عليهم السلام يعلمونها . وفيه على الأوّل إشارة إلى أنّه ينبغي الرجوع إليهم في جميع الاُمور، وعلى الثاني إلى أنّه ينبغي تصحيح جميع الأعمال والأخلاق . ۱

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۵ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
186

وقيل: المراد بالعلماء هنا الربّانيّون ، الذين لهم معرفة باللّه وبدينه على وجه يمنعهم من الركون إلى الدنيا وشهواتها، ويزجرهم عن متابعة النفس ومشتهياتها، ويبعثهم على العمل للآخرة، وهم الموصوفون بالخشية وغيرها من الكمالات.ثمّ الخوف والخشية في اللغة بمعنى واحد، فتمّ الاستشهاد بالآية إلّا أنّ بينهما في عرف العارفين فرقاً، وهو أنّ الخوف ألم النفس من المكروه المنتظر، والعقاب المتوقّع بسبب احتمال فعل المنهيّات وترك الطاعات.والخشية حالة نفسانيّة تنشأ من الشعور بعظمة الربّ وهيبته، وخوف الحجاب عنه بسبب الوقوف على النقصان والتقصير في أداء حقوق العبوديّة ورعاية الأدب، فهي خوف خاصّ، وإليه يرشد قوله تعالى: «وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ»۱ . ۲ وقوله: (واغتنموا أيّامها) .
الضمير للدنيا، أو للطاعة.وقوله: (فإنّ ذلك أقلّ للتبعة ، وأدنى من العُذر). أي أقرب منه .
والتبعة بفتح التاء وكسر الباء، وهي ما يتبع أعمال العباد من العقاب وسوء العاقبة.وقيل: هي ما على أحد من حقّ الغير، سمّي بها لأنّ صاحبه يتبعه ويطلبه. وفيه تنبيه على أنّ العبد وإن اجتهد في الطاعة فهو بَعُد في مقام التقصير ، إلّا أنّ عذره لقلّة تبعته قريب من القبول. ۳ (وأرجى للنجاة) من العقوبات.
وقيل: فيه إشعار بأنّ العامل المطيع لا ينبغي له الجزم بنجاته، والاعتماد بعمله، وإنّما له الرجاء بالنجاة، كما دلّت عليه الآيات والروايات، واللّه سبحانه لا يخيب رجاءه. ۴ (ولا تقدّموا الاُمور الواردة عليكم من طاعة الطواغيت) جمع طاغوت، وهو كلّ رأس ضلال، وما عُبد من دون اللّه.

1.الرعد (۱۳) : ۲۱ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۳ و۱۹۴ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۴ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 93456
صفحه از 630
پرینت  ارسال به