189
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وقوله: «هذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ»۱ في موقف آخر.أو المأذون فيه هي الجوابات الحقّة، والممنوع عنه هي الأعذار الباطلة. ۲ انتهى.وقيل: هذه الكلمة الشريفة محرّكة إلى الخيرات كلّها ؛ فإنّ كلّ أحد يتشبّث يوم القيامة بأمر ينجيه من العذاب مثل الشفاعة والطاعة والإحسان إلى الخلق وغيرها ممّا فيه رضاه تعالى، وكلّفه به، فإن كان صادقاً يؤذن له ويصدّق، وإلّا فلا، كما أشار إليه بقوله: (واعلموا أنّ اللّه لا يصدّق يومئذ كاذباً، ولا يكذّب صادقاً، ولا يردّ عذر مستحقّ) .أي من يستحقّ لقبول العذر كمن ترك الصلاة في وقتها بالنوم، أولفقدان الطهورين، أو صلّاها مؤميا ، أو مع النجاسة للعجز والعذر وأمثال ذلك . ۳ (ولا يعذر غير معذور) أي لا يقبل عذر من ليس له عذر في ترك ما اُمر به. يقال: عَذَرته فيما صنع ـ كضربته ـ عُذراً بالضمّ وبضمّتين، أي دفعت عنه اللوم، فهو معذور، أي غير ملوم، والاسم : المَعذرة ـ مثلّثة الدال ـ والعِذرة بالكسر .والحاصل أنّه لا يقبل إعتذار من ليس له حجّة على اللّه بعد البيان، بل الحجّة للّه عليه كما أشار إليه بقوله : (له الحجّة على خلقه بالرسل والأوصياء بعد الرسل).وقوله: (في إصلاح أنفسكم) أي بتزيينها بالفضائل وتهذيبها عن الرذائل.
وفي بعض النسخ: «من» بدل «في» .قال الجوهري : «الصلاح ضدّ الفساد، والإصلاح نقيض الإفساد» . ۴
وقيل: تعدية الاستقبال ب «في» باعتبار تضمينه بمعنى السعي ، أو الشروع . ۵ وأقول : يحتمل أيضاً أن يكون بتضمين معنى الاستئناف، أي استقبلوا، واستأنفوا العمل في إصلاح أنفسكم.
ويحتمل أن يكون «في» بمعنى «إلى»، أو «على»، كما في قوله تعالى: «وَلَأُ صَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ» . ۶

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۵ .

2.المرسلات (۷۷) : ۳۵ و۳۶ .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۲۶۱ و۲۶۲ (مع التلخيص واختلاف يسير) .

4.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۸۴ (صلح) .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۶ .

6.طه (۲۰) : ۷۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
188

أقول : لعلّ غرضه عليه السلام من هذا الكلام الوعد والوعيد ، وتذكير نعم اللّه وإتمام حجّته عليهم .(يَحكم علينا وعليكم سيّد حاكم غداً) أي يحكم علينا يوم القيامة بعد المحاسبة بما تستحقّه، وفيه تنبيه للغافلين.
وقيل: أي يحكم علينا من جهة الهداية والإرشاد وعليكم من جهة الطاعة والانقياد سيّد متولّ لاُمور الخلائق ، حاكم عليهم . ۱ (وهو مُوقفكم ومُسائلكم) . ۲ الضمير للسيّد الحاكم.(فأعدّوا الجواب) أي هيّؤوه لأنفسكم. يقال: أعدّه لأمر كذا، أي هيّأه له.
(قبل الوقوف والمُساءلة والعرض) .اللام فيها للعهد. قال الفيروزآبادي: «عرض له ، كذا يعرض : ظهر عليه وبدا ، كعرض ، كسمع، والشيء له: أظهره له ، وعليه: أراه إيّاه» . ۳ وفي قوله عليه السلام : (على ربّ العالمين) تهويل وتعظيم لشأن الأمر، كما لا يخفى.
(يومئذٍ «لا تَكَلَّمُ» ) بصيغة المستقبل بحذف إحدى التائين. «نَفْسٌ إِلَا بِإِذْنِهِ» أي بإذن ربّ العالمين.
وهذه الفقرة الشريفة مقتبسة من قوله تعالى في سورة هود: «يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَا بِإِذْنِهِ» . ۴ قال البيضاوي في تفسير هذه الآية :
«يَوْمَ يَأْتِ» ، أي الجزاء، أو اليوم، أي اللّه عزّ وجلّ، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بحذف الياء اجتراء عنها بالكسرة . «لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ» ، أي لا تتكلّم بما ينفع وينجي من جواب أو شفاعة.
«إِلَا بِإِذْنِهِ» : إلّا بإذن اللّه، كقوله: «لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ»۵ ، وهذا في موقف .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۵ .

2.في شرح المازندراني : «عن دينكم وإمامكم وعقائدكم وأعمالم ومكسب أموالكم ومصرفها ، لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلّا وهو يسألها» .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۳۴ (عرض) .

4.هود(۱۱) : ۱۰۵ .

5.النبأ (۷۸) : ۳۸ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 93448
صفحه از 630
پرینت  ارسال به