وقوله: «هذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ»۱ في موقف آخر.أو المأذون فيه هي الجوابات الحقّة، والممنوع عنه هي الأعذار الباطلة. ۲ انتهى.وقيل: هذه الكلمة الشريفة محرّكة إلى الخيرات كلّها ؛ فإنّ كلّ أحد يتشبّث يوم القيامة بأمر ينجيه من العذاب مثل الشفاعة والطاعة والإحسان إلى الخلق وغيرها ممّا فيه رضاه تعالى، وكلّفه به، فإن كان صادقاً يؤذن له ويصدّق، وإلّا فلا، كما أشار إليه بقوله: (واعلموا أنّ اللّه لا يصدّق يومئذ كاذباً، ولا يكذّب صادقاً، ولا يردّ عذر مستحقّ) .أي من يستحقّ لقبول العذر كمن ترك الصلاة في وقتها بالنوم، أولفقدان الطهورين، أو صلّاها مؤميا ، أو مع النجاسة للعجز والعذر وأمثال ذلك . ۳ (ولا يعذر غير معذور) أي لا يقبل عذر من ليس له عذر في ترك ما اُمر به. يقال: عَذَرته فيما صنع ـ كضربته ـ عُذراً بالضمّ وبضمّتين، أي دفعت عنه اللوم، فهو معذور، أي غير ملوم، والاسم : المَعذرة ـ مثلّثة الدال ـ والعِذرة بالكسر .والحاصل أنّه لا يقبل إعتذار من ليس له حجّة على اللّه بعد البيان، بل الحجّة للّه عليه كما أشار إليه بقوله : (له الحجّة على خلقه بالرسل والأوصياء بعد الرسل).وقوله: (في إصلاح أنفسكم) أي بتزيينها بالفضائل وتهذيبها عن الرذائل.
وفي بعض النسخ: «من» بدل «في» .قال الجوهري : «الصلاح ضدّ الفساد، والإصلاح نقيض الإفساد» . ۴
وقيل: تعدية الاستقبال ب «في» باعتبار تضمينه بمعنى السعي ، أو الشروع . ۵ وأقول : يحتمل أيضاً أن يكون بتضمين معنى الاستئناف، أي استقبلوا، واستأنفوا العمل في إصلاح أنفسكم.
ويحتمل أن يكون «في» بمعنى «إلى»، أو «على»، كما في قوله تعالى: «وَلَأُ صَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ» . ۶
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۵ .
2.المرسلات (۷۷) : ۳۵ و۳۶ .
3.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۲۶۱ و۲۶۲ (مع التلخيص واختلاف يسير) .
4.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۸۴ (صلح) .
5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۶ .
6.طه (۲۰) : ۷۱ .