وطاعته، والحاصل أنّ إمكان وقوع ذلك الندم كاف في الحذر، فكيف مع تحقّقه، أو لأنّه بالنسبة إلى كلّ شخص غير متحقّق. ۱ (واستغفروا للّه، وتوبوا إليه؛ فإنّه يَقبل التوبة، ويعفو عن السيّئة) .
قيل: لعلّ المراد بقبولها إسقاط العقاب المترتّب على الذنب الذي تاب منه تفضّلاً ورحمة بعباده كما ذهب إليه الأشاعرة والشيخ الطوسي في الاقتصاد ۲ ، والعلاّ مة في بعض كتبه الكلاميّة .وعلى هذا قوله: «ويعفو عن السيّئة» تفصيل لقوله: «يقبل التوبة»؛ أي يعفو تفضّلاً عن السيّئة التي تاب منها .
وقال المعتزلة: إنّ قبول التوبة واجب على اللّه تعالى حتّى لو عاقب بعدها كان ظلماً، وتوقّف المحقّق في التجريد ۳ . انتهى .وأقول : الوجوب في أمثال هذه المقامات محمول على لزوم الوفاء بالوعد بحيث يلزم من ترك القبح، وقد ثبت في الآيات والروايات وعده سبحانه بقبول التوبة وعفو السيّئة، فيلزم من عدم قبولها ترك الوفاء بالوعد، وهو قبيح ، تعالى اللّه عنه عُلوّاً كبيراً .ثمّ أقول : لا يبعد أن يراد بقبول التوبة إسقاط العقاب المترتّب على الكبائر، ويعفو السيّئة إسقاطه عن الصغائر تفضّلاً، أو بأسباب آخر مطلقاً، كما قيل في تفسير قوله تعالى: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ»۴ الآية . ۵ (ويعلم ما تفعلون) فلا يفوته شيء من أفعالكم، وفيه وعد ووعيد.
(وإيّاكم وصُحبة العاصين) إلّا إذا اُريد نُصحهم مع توقّع التأثير، وذلك للفرار من اللعن والعذاب النازل عليهم، ولئلّا يميل إلى مقتضى طريقتهم.(ومَعونة الظالمين) .
لعلّ المراد بالمعونة إعانتهم في ظلمهم، أو فيما يعود إليه، أو يوجبه.
1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۲ .
2.لاحظ : الاقتصاد ، ص ۱۳۲ و۱۳۳ .
3.راجع : شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۷ .
4.النساء (۴) : ۳۱ .
5.اُنظر : التبيان للطوسي ، ج ۹ ، ص ۴۳۳ ؛ تفسير مجمع البيان ، ج ۳ ، ص ۶۹ ؛ تفسير الثعلبي ، ج ۳ ، ص ۲۹۱ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۵ ، ص ۱۵۸ و۱۵۹ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۱۷۶ ـ ۱۷۸ .