3
البضاعة المزجاة المجلد الأول

مقدّمة التحقيق

بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه الواحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، ثمّ سلامه وصلواته الدائمة الوافرة على خاتم رسله محمّد الأمجد ، وآله الكرام البررة إلى الأبد.
لا ريب أنّ كتاب الكافي (اُصولاً وفروعا وروضة) هو أهمّ الكتب الحديثيّة عند الفرقة الناجية وأدقّها وأجلّها وأضبطها ، وأوّل كتاب تقريباً جمعت فيه الأحاديث بهذه السعة والترتيب والتبويب، ولا زال منذ تأليفه إلى يومنا هذا مصدرا ومرجعا أساسيّا لعلماء الشيعة وغيرهم في مجالات مختلفة .
ويؤيّد هذا كثرة الإرجاعات إليه، ووفور مخطوطاته، وشروحه وحواشيه، وتراجمه وطبعاته، أو البحث والتحقيق عنه وحوله ، ولا سيّما ميلان البعض إلى اعتبار جميع أحاديثه وطرقه، أو إلى ما يقربه .
كان مؤلّفه ثقة الإسلام أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكلينيّ الرازيّ السلسليّ البغداديّ أشهر وأوثق وأفضل علما وعملاً عند علماء الفريقين من أن نعرّفه في هذا المقام . ۱

كتاب الروضة من الكافي

واعلم أنّ كتاب الكافي ـ الذي اشتهر فيه من كلام الصاحب عليه السلام أنّه كاف لشيعتنا - على ثلاثة أقسام كما هو المشهور:

1.اُنظر في ترجمته : رجال النجاشي ، ص۳۷۷ ؛ رجال الطوسي ، ص۱۳۵ ؛ الفهرست للطوسي ، ص۱۳۶ و۴۹۶ ؛ رجال ابن داود ، ص۱۷۸ ؛ كشف المحجّة ، ص ۱۵۹ - ۲۲۰ ؛ الفوائد الرجاليّة ، ج۳ ، ص۳۳۶ ؛ الخلاصة للحلّي ، ص۱۴۵ ؛ معالم العلماء ، ص۹۹ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
2

تصدير

لا يزال الكافي يحتلّ الصدارة الاُولى من بين الكتب الحديثية عند الشيعة الإمامية ، وهو المصدر الأساس الذي لا تنضب مناهله ولا يملّ منه طالبه ، وهو المرجع الذي لا يستغني عنه الفقيه ، ولا العالم ، ولا المعلّم ، ولا المتعلّم ، ولا الخطيب ، ولا الأديب . فقد جمع بين دفّتيه جميع الفنون والعلوم الإلهيّة ، واحتوى على الاُصول والفروع . فمنذ أحد عشر قرنا وإلى الآن اتّكأ الفقه الشيعي الإمامي على هذا المصدر لما فيه من تراث أهل البيت عليهم السلام ، وهو أوّل كتاب جمعت فيه الأحاديث بهذه السعة والترتيب . وبعد ظهور الكافي اضمحلّت حاجة الشيعة إلى الاُصول الأربعمائة ، لوجود مادّتها مرتّبة ، مبوّبة في ذلك الكتاب . ولقد أثنى على ذلك الكتاب القيّم المنيف والسفر الشريف كبار علماء الشيعة ثناءً كثيرا ؛ قال الشيخ المفيد في حقّه : «هو أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة» وتابعه على ذلك من تأخّر عنه .
ومن عناية الشيعة الإمامية بهذا الكتاب واهتمامهم به أنّهم شرحوه أكثر من عشرين مرّة ، وتركوا ثلاثين حاشية عليه ، ودرسوا بعض اُموره ، وترجموه إلى غير العربية ، ووضعوا لأحاديثه من الفهارس ما يزيد على عشرات الكتب ، وبلغت مخطوطاته في المكتبات ما يبلغ على ألف وخمسمائة نسخة خطيّة ، وطبعوه ما يزيد على العشرين طبعة .
ومن المؤسف أنّ الكافي وشروحه وحواشيه لم تحقّق تحقيقا جامعا لائقا به ، مبتنيا على اُسلوب التحقيق الجديد ، على أنّ كثيرا من شروحه وحواشيه لم تطبع إلى الآن وبقيت مخطوطات على رفوف المكتبات العامّة والخاصّة ، بعيدة عن أيدي الباحثين والطالبين.
هذا ، وقد تصدّى قسم إحياء التراث في مركز بحوث دار الحديث تحقيق كتاب الكافي ، وأيضا تصدّى في جنبه تحقيق جميع شروحه وحواشيه ـ وفي مقدّمها ما لم يطبع ـ على نحو التسلسل.
ومنها هذا الشرح الذي بين يديك ، وهو الذي لم تتناوله يد الطبع إلى يومنا هذا ، الّفه الفاضل الشيخ محمّد حسين بن قارياغدي ، وقد كان معاصرا لملّا صالح المازندراني والعلّامة المجلسي رحمهماالله ، وكان حيّا إلى سنة (1098 ق) حيث فرغ من تأليف هذا الشرح في هذه السنة ، ولم يعلم تاريخ وفاته .
ولمّا كان كتاب الروضة من الكافي يشتمل على روايات متفرّقة في موضوعات شتّى ، ولم يضع الشيخ الكليني رحمه اللهلهذا الكتاب تبويبا خاصّا، فلهذا أفرد المصنّف ـ قبل شروعه بشرح أحاديث الكتاب ـ فهرسا موضوعيّا لتلك الأحاديث ، ورتّبها في ثلاثين بابا ، وذكر أحاديث كلّ باب من الأبواب التي رتّبها مرقّمة ـ بالعدد والحروف ـ مطابقا للترقيم الموجود في الكافي المطبوع بتحقيق الغفّاري رحمه الله .
وهذا يعدّ من إبداعاته وابتكاراته التي سهّلت الرجوع إلى روايات كلّ موضوع بسرعة فائقة ومن دون جهد وعناء .
وقد بذل ـ قدّس سرّه ـ كلِّ ما بوسعه لشرح الأحاديث، فما مرّ بعبارة أو كلمة غير واضحة في متون الأحاديث إلاّ وتعرّض لها وبيّنها و شرحها موضحا الوجوه المحتملة والأقوال المختلفة فيها ، فجاء هذا الشرح شرحا مبسوطا موسّعا حتّى عدّ من أهمّ شروح كتاب الروضة من الكافي ، فللّه درّه و عليه أجره .
وفي ختام المطاف نعرب عن جزيل الشكر والتقدير للمحقّق الفاضل الشيخ حميد الأحمدي الجلفائي ؛ لتبنّيه تحقيق هذا الأثر القيّم وتصحيحه ، ونسأل اللّه له المزيد من التوفيق ، واللّه وليّ التوفيق .
قسم إحياء التراث
مركز بحوث دار الحديث
محمّد حسين الدرايتي

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 92183
صفحه از 630
پرینت  ارسال به