دَخَلْتُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، قَدْ أَرْمَضَنِي اخْتِلاَ فُ الشِّيعَةِ فِي مَذَاهِبِهَا!فَقَالَ: «يَا جَابِرُ، أَ لَمْ أَقِفْكَ عَلى مَعْنَى اخْتِلَافِهِمْ مِنْ أَيْنَ اخْتَلَفُوا، وَمِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَفَرَّقُوا؟!قُلْتُ: بَلى يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ.
قَالَ: فَلَا تَخْتَلِفْ إِذَا اخْتَلَفُوا ، يَا جَابِرُ ، إِنَّ الْجَاحِدَ لِصَاحِبِ الزَّمَانِ كَالْجَاحِدِ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فِي أَيَّامِهِ، يَا جَابِرُ، اسْمَعْ، وَعِ» .قُلْتُ : إِذَا شِئْتَ .
قَالَ : «اسْمَعْ، وَعِ، وَبَلِّغْ حَيْثُ انْتَهَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام خَطَبَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ وَفَاةِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَذلِكَ حِينَ فَرَغَ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ وَتَأْلِيفِهِ، فَقَالَ :الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي مَنَعَ الْأَوْهَامَ أَنْ تَنَالَ إِلَا وُجُودَهُ، وَحَجَبَ الْعُقُولَ أَنْ تَتَخَيَّلَ ۱ ذَاتَهُ ؛ لأْتِنَاعِهَا مِنَ الشَّبَهِ وَالتَّشَاكُلِ، بَلْ هُوَ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ فِي ذَاتِهِ، وَلَا يَتَبَعَّضُ بِتَجْزِئَةِ الْعَدَدِ فِي كَمَالِهِ ؛ فَارَقَ الْأَ شْيَاءَ لَا عَلَى اخْتِلَافِ الْأَ مَاكِنِ، وَيَكُونُ فِيهَا لَا عَلى وَجْهِ الْمُمُازَجَةِ، وَعَلِمَهَا لَا بِأَدَاةٍ ؛ لَا يَكُونُ الْعِلْمُ إِلَا بِهَا، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْلُومِهِ عِلْمُ غَيْرِهِ بِهِ كَانَ عَالِماً بِمَعْلُومِهِ .إِنْ قِيلَ : «كَانَ» فَعَلى تَأْوِيلِ أَزَلِيَّةِ الْوُجُودِ، وَإِنْ قِيلَ: «لَمْ يَزَلْ» فَعَلى تَأْوِيلِ نَفْيِ الْعَدَمِ.
فَسُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَنْ قَوْلِ مَنْ عَبَدَ سِوَاهُ، وَاتَّخَذَ إِلهاً غَيْرَهُ عُلُوّاً كَبِيراً.نَحْمَدُهُ بِالْحَمْدِ الَّذِي ارْتَضَاهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَأَوْجَبَ قَبُولَهُ عَلى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَا اللّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، شَهَادَتَانِ تَرْفَعَانِ الْقَوْلَ، وَتُضَاعِفَانِ الْعَمَلَ ؛ خَفَّ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ مِنْهُ، وَثَقُلَ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ، وَبِهِمَا الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةُ مِنَ النَّارِ، وَالْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ.وَبِالشَّهَادَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَبِالصَّلَاةِ تَنَالُونَ الرَّحْمَةَ.