205
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَلَا حِلْمَ كَالصَّبْرِ وَالصَّمْتِ .أَيُّهَا النَّاسُ، فِي الْاءِنْسَانِ عَشْرُ خِصَالٍ يُظْهِرُهَا لِسَانُهُ: شَاهِدٌ يُخْبِرُ عَنِ الضَّمِيرِ، وَحَاكِمٌ ۱ يَفْصِلُ بَيْنَ الْخِطَابِ، وَنَاطِقٌ يُرَدُّ بِهِ الْجَوَابُ، وَشَافِعٌ يُدْرَكُ بِهِ الْحَاجَةُ، وَوَاصِفٌ يُعْرَفُ بِهِ الْأَشْيَاءُ، وَأَمِيرٌ يَأْمُرُ بِالْحَسَنِ، وَوَاعِظٌ يَنْهى عَنِ الْقَبِيحِ، وَمُعَزٍّ تُسَكَّنُ بِهِ الْأَحْزَانُ، وَحَاضِرٌ تُجْلى بِهِ الضَّغَائِنُ، وَمُونِقٌ يُلْهى ۲ بِهِ الْأَسْمَاعُ.أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.
وَاعْلَمُوا ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ، وَمَنْ لَا يَعْلَمْ يَجْهَلْ، وَمَنْ لَا يَتَحَلَّمْ لَا يَحْلُمْ، وَمَنْ لَا يَرْتَدِعْ لَا يَعْقِلْ، وَمَنْ لَا يَعْقِلْ ۳ يُهَنْ، وَمَنْ يُهَنْ لَا يُوَقَّرْ، وَمَنْ لَا يُوَقَّرْ ۴ يَتَوَبَّخْ، وَمَنْ يَكْتَسِبْ مَالاً مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ يَصْرِفْهُ فِي غَيْرِ أَجْرِهِ، وَمَنْ لَا يَدَعْ وَهُوَ مَحْمُودٌ يَدَعْ وَهُوَ مَذْمُومٌ، وَمَنْ لَمْ يُعْطِ قَاعِداً مُنِعَ قَائِماً، وَمَنْ يَطْلُبِ الْعِزَّ بِغَيْرِ حَقٍّ يَذِلَّ، وَمَنْ يَغْلِبْ بِالْجَوْرِ يُغْلَبْ، وَمَنْ عَانَدَ الْحَقَّ لَزِمَهُ الْوَهْنُ، وَمَنْ تَفَقَّهَ وُقِّرَ، وَمَنْ تَكَبَّرَ حُقِّرَ، وَمَنْ لَا يُحْسِنْ لَا يُحْمَدْ ۵ .أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الْمَنِيَّةَ قَبْلَ الدَّنِيَّةِ، وَالتَّجَلُّدَ قَبْلَ التَّبَلُّدِ، وَالْحِسَابَ قَبْلَ الْعِقَابِ، وَالْقَبْرَ خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ، وَغَضَّ الْبَصَرِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّظَرِ، وَالدَّهْرَ يَوْمٌ لَكَ وَيَوْمٌ عَلَيْكَ، فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ، وَإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ، فَبِكِلَيْهِمَا تُمْتَحَنُ [ وَفِي نُسْخَةٍ: «وَكِلَاهُمَا سَيُخْتَبَرُ» ] .أَيُّهَا النَّاسُ، أَعْجَبُ مَا فِي الْاءِنْسَانِ قَلْبُهُ، وَلَهُ مَوَادُّ مِنَ الْحِكْمَةِ، وَأَضْدَادٌ مِنْ خِلَافِهَا ، فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ، وَإِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ، وَإِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الْأَسَفُ، وَإِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشْتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ، وَإِنْ أُسْعِدَ بِالرِّضى نَسِيَ التَّحَفُّظَ، وَإِنْ نَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ، وَإِنِ اتَّسَعَ لَهُ الْأَمْنُ اسْتَلَبَتْهُ الْعِزَّةُ [وَفِي نُسْخَةٍ: «أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ» ] ، وَإِنْ جُدِّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ، وَإِنْ أَفَادَ مَالاً أَطْغَاهُ الْغِنى، وَإِنْ عَضَّتْهُ فَاقَةٌ شَغَلَهُ الْبَلَاءُ [ وَفِي نُسْخَةٍ: «جَهَدَهُ الْبُكَاءُ» ] ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ، وَإِنْ أَجْهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ، وَإِنْ أَفْرَطَ فِي الشِّبَعِ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ ؛ فَكُلُّ تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌّ ، وَكُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ .

1.في الطبعة القديمة: «حاكم» بدون الواو.

2.في كلتا الطبعتين وحاشية النسخة: «تلتذّ». وفي بعض نسخ الكافي : «تلهى» .

3.في الطبعة القديمة : «لا يعلم».

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «لا يتوقّر».

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «لا يجمل» .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
204

أَكْثِرُوا بِالصَّلَاةِ ۱ عَلى نَبِيِّكُمْ، «إِنَّ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً»۲ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا شَرَفَ أَعْلى مِنَ الْاءِسْلَامِ، وَلَا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوى، وَلَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ، وَلَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ، وَلَا لِبَاسَ أَجْمَلُ مِنَ الْعَافِيَةِ، وَلَا وِقَايَةَ أَمْنَعُ مِنَ السَّلَامَةِ، وَلَا مَالَ أَذْهَبُ بِالْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا بِالْقَنَاعَةِ، وَلَا كَنْزَ أَغْنى مِنَ الْقُنُوعِ .وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلى بُلْغَةِ الْكَفَافِ، فَقَدِ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ، وَتَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ.
وَالرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ التَّعَبِ، وَا لأْتِكَارُ مَطِيَّةُ النَّصَبِ، وَالْحَسَدُ آفَةُ الدِّينِ، وَالْحِرْصُ دَاعٍ إِلَى التَّقَحُّمِ فِي الذُّنُوبِ، وَهُوَ دَاعِي الْحِرْمَانِ، وَالْبَغْيُ سَائِقٌ إِلَى الْحَيْنِ، وَالشَّرَهُ جَامِعٌ لِمَسَاوِي الْعُيُوبِ.رُبَّ طَمَعٍ خَائِبٌ ، وَأَمَلٍ كَاذِبٌ ، وَرَجَاءٍ يُؤَدِّي إِلَى الْحِرْمَانِ، وَتِجَارَةٍ تَؤُولُ إِلَى الْخُسْرَانِ.
أَلَا وَمَنْ تَوَرَّطَ فِي الْأُمُورِ غَيْرَ نَاظِرٍ فِي الْعَوَاقِبِ ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمُفْضِحَاتِ النَّوَائِبِ، وَبِئْسَتِ الْقِلَادَةُ قِلَادَةُ ۳ الذَّنْبِ لِلْمُؤْمِنِ.أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا كَنْزَ أَنْفَعُ مِنَ الْعِلْمِ، وَلَا عِزَّ أَرْفَعُ مِنَ الْحِلْمِ، وَلَا حَسَبَ أَبْلَغُ مِنَ الْأَدَبِ، وَلَا نَسَبَ ۴ أَوْضَعُ مِنَ الْغَضَبِ، وَلَا جَمَالَ أَزْيَنُ مِنَ الْعَقْلِ، وَلَا سَوْأَةَ أَسْوَأُ مِنَ الْكَذِبِ، وَلَا حَافِظَ أَحْفَظُ مِنَ الصَّمْتِ، وَلَا غَائِبَ أَقْرَبُ مِنَ الْمَوْتِ.أَيُّهَا النَّاسُ، ۵ مَنْ نَظَرَ فِي عَيْبِ نَفْسِهِ اشْتَغَلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ ؛ وَمَنْ رَضِيَ بِرِزْقِ اللّهِ، لَمْ يَأْسَفْ عَلى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ ؛ وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ ، قُتِلَ بِهِ ؛ وَمَنْ حَفَرَ لأخِيهِ بِئْراً ، وَقَعَ فِيهَا ؛ وَمَنْ هَتَكَ حِجَابَ غَيْرِهِ ، انْكَشَفَتْ ۶ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ ؛ وَمَنْ نَسِيَ زَلَلَهُ ، اسْتَعْظَمَ زَلَلَ غَيْرِهِ ؛ وَمَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ، ضَلَّ ؛ وَمَنِ اسْتَغْنى بِعَقْلِهِ ، زَلَّ ؛ وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى النَّاسِ ، ذَلَّ ؛ وَمَنْ سَفِهَ عَلَى النَّاسِ ، شُتِمَ ؛ وَمَنْ خَالَطَ الْأَنْذَالَ ، حُقِّرَ ؛ وَمَنْ حَمَلَ مَا لَا يُطِيقُ ، عَجَزَ.أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا مَالَ ۷ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ، وَلَا فَقْرَ ۸ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ، وَلَا وَاعِظَ ۹ أَبْلَغُ مِنَ النُّصْحِ، وَلَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ ، وَلَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ، وَلَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ، وَلَا وَحْشَةَ أَشَدُّ مِنَ الْعُجْبِ، وَلَا

1.في كلتا الطبعتين والحاشية عن بعض النسخ : «من الصلاة» .

2.الأحزاب (۳۳) : ۵۶ .

3.في الطبعة القديمة : ـ «قلادة» .

4.في كلتا الطبعتين وحاشية النسخة : «نصب».

5.في الطبعة القديمة : + «إنّه».

6.في الطبعة القديمة : «انكشف» .

7.في الطبعة القديمة : + «هو» .

8.في الطبعة القديمة: + «هو».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110528
صفحه از 630
پرینت  ارسال به