209
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وَشَرَفِ مَقْعَدِكُمْ، وَكَرَمِ مَآبِكُمْ، وَبِفَوْزِكُمُ الْيَوْمَ «عَلى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ» . ۱
وَيَا أَهْلَ ا لأْحِرَافِ وَالصُّدُودِ عَنِ اللّهِ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ وَرَسُولِهِ وَصِرَاطِهِ وَأَعْلَامِ الْأَزْمِنَةِ، أَيْقِنُوا بِسَوَادِ وُجُوهِكُمْ، وَغَضَبِ رَبِّكُمْ جَزَاءً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .وَمَا مِنْ رَسُولٍ سَلَفَ، وَلَا نَبِيٍّ مَضى إِلَا وَ ۲ كَانَ مُخْبِراً أُمَّتَهُ بِالْمُرْسَلِ الْوَارِدِ مِنْ بَعْدِهِ، وَمُبَشِّراً بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَمُوصِياً قَوْمَهُ بِاتِّبَاعِهِ، وَمُحَلِّيَهُ عِنْدَ قَوْمِهِ لِيَعْرِفُوهُ بِصِفَتِهِ، وَلِيَتَّبِعُوهُ عَلى شَرِيعَتِهِ، وَلِئَلَا ۳ يَضِلُّوا فِيهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَيَكُونَ مَنْ هَلَكَ أَوْ ضَلَّ بَعْدَ وُقُوعِ الْاءِعْذَارِ وَالْاءِنْذَارِ عَنْ بَيِّنَةٍ وَتَعْيِينِ حُجَّةٍ، فَكَانَتِ الْأُمَمُ فِي رَجَاءٍ مِنَ الرُّسُلِ وَوُرُودٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَئِنْ أُصِيبَتْ بِفَقْدِ نَبِيٍّ بَعْدَ نَبِيٍّ عَلى عِظَمِ ۴ مَصَائِبِهِمْ وَفَجَائِعِهَا بِهِمْ، فَقَدْ كَانَتْ عَلى سَعَةٍ مِنَ الْأَمَلِ، وَلَا مُصِيبَةٌ عَظُمَتْ وَلَا رَزِيَّةٌ جَلَّتْ كَالْمُصِيبَةِ بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؛ لأنَّ اللّهَ حَسَمَ ۵ بِهِ الْاءِنْذَارَ وَالْاءِعْذَارَ، وَقَطَعَ بِهِ ا لأحْتِجَاجَ وَالْعُذْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَجَعَلَهُ بَابَهُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، وَمُهَيْمِنَهُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ إِلَا بِهِ، وَلَا قُرْبَةَ إِلَيْهِ إِلَا بِطَاعَتِهِ، وَقَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ وَمَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً»۶ ، فَقَرَنَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ، وَمَعْصِيَتَهُ بِمَعْصِيَتِهِ، فَكَانَ ذلِكَ دَلِيلاً عَلى مَا فَوَّضَ إِلَيْهِ، وَشَاهِداً لَهُ عَلى مَنِ اتَّبَعَهُ وَعَصَاهُ.
وَبَيَّنَ ذلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْكِتَابِ الْعَظِيمِ، فَقَالَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ فِي التَّحْرِيضِ عَلَى اتَّبَاعِهِ وَالتَّرْغِيبِ فِي تَصْدِيقِهِ وَالْقَبُولِ لِدَعْوَتِهِ ۷ : «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ»۸ ، فَاتِّبَاعُهُ صلى الله عليه و آله مَحَبَّةُ اللّهِ، وَرِضَاهُ غُفْرَانُ الذُّنُوبِ، وَكَمَالُ النورِ ۹ وَوُجُوبُ الْجَنَّةِ، وَفِي التَّوَلِّي عَنْهُ وَالْاءِعْرَاضِ مُحَادَّةُ اللّهِ وَغَضَبُهُ وَسَخَطُهُ، وَالْبُعْدُ مِنْهُ مُسْكِنُ النَّارِ، وَذلِكَ قَوْلُهُ: «وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنّارُ مَوْعِدُهُ»۱۰ ، يَعْنِي الْجُحُودَ بِهِ، وَالْعِصْيَانَ لَهُ؛ فَإِنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ اسْمُهُ ـ امْتَحَنَ بِي عِبَادَهُ، وَقَتَلَ بِيَدِي أَضْدَادَهُ، وَأَفْنى بِسَيْفِي جُحَّادَهُ، وَجَعَلَنِي زُلْفَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَحِيَاضَ مَوْتٍ عَلَى الْجَبَّارِينَ، وَسَيْفَهُ عَلَى الْمُجْرِمِينَ، وَشَدَّ بِي أَزْرَ رَسُولِهِ، ۱۱ وَأَكْرَمَنِي بِنَصْرِهِ، وَشَرَّفَنِي

1.الصافّات(۳۷) : ۴۴ .

2.في كلتا الطبعتين : + «قد».

3.في الحاشية عن بعض النسخ والوافي : «لكيلا».

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «عظيم».

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «حكم».

6.النساء(۴) : ۸۰ .

7.في الطبعة القديمة : «بدعوته» .

8.آل عمران(۳) : ۳۱ .

9.في كلتا الطبعتين وحاشية النسخة : «الفوز».

10.هود(۱۱) : ۱۷ .

11.في الحاشية عن بعض النسخ: «نبيّه». وفي بعض نسخ الكافي : «رسول اللّه صلى الله عليه و آله » .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
208

وَالذُّنُوبِ، فَمَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ التَّعَبِ وَالْبُؤْسَ مِنَ النَّعِيمِ، وَمَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ، وَمَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ.
وَكُلُّ نَعِيمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ، وَكُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِيَةٌ، وَعِنْدَ تَصْحِيحِ الضَّمَائِرِ تُبْدُو الْكَبَائِرُ.تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ، وَتَخْلِيصُ النِّيَّةِ مِنَ الْفَسَادِ أَشَدُّ عَلَى الْعَامِلِينَ مِنْ طُولِ الْجِهَادِ.
هَيْهَاتَ لَوْ لَا التُّقى لَكُنْتُ أَدْهَى الْعَرَبِ.أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَعَدَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله الْوَسِيلَةَ، وَوَعْدُهُ الْحَقُّ، «وَلَنْ يُخْلِفَ اللّهُ وَعْدَهُ»۱ .
أَلَا وَإِنَّ الْوَسِيلَةَ عَلى دَرَجِ ۲ الْجَنَّةِ، وَذِرْوَةِ ذَوَائِبِ الزُّلْفَةِ، وَنِهَايَةِ غَايَةِ الْأُمْنِيَّةِ ، لَهَا أَلْفُ مِرْقَاةٍ مَا بَيْنَ الْمِرْقَاةِ إِلَى الْمِرْقَاةِ حُضْرُ الْفَرَسِ الْجَوَادِ مِائَةَ عَامٍ (وَفِي نُسْخَةٍ : «أَلْفَ عَامٍ») ، وَهُوَ مَا بَيْنَ مِرْقَاةِ دُرَّةٍ إِلى مِرْقَاةِ جَوْهَرَةٍ إِلى مِرْقَاةِ زَبَرْجَدَةٍ إِلى مِرْقَاةِ لُؤْلُؤَةٍ إِلى مِرْقَاةِ يَاقُوتَةٍ إِلى مِرْقَاةِ زُمُرُّدَةٍ إِلى مِرْقَاةِ مَرْجَانَةٍ إِلى مِرْقَاةِ كَافُورٍ إِلى مِرْقَاةِ عَنْبَرٍ إِلى مِرْقَاةِ يَلَنْجُوجٍ إِلى مِرْقَاةِ ذَهَبٍ إِلى مِرْقَاةِ فِضَّةٍ إِلى مِرْقَاةِ غَمَامٍ إِلى مِرْقَاةِ هَوَاءٍ إِلى مِرْقَاةِ نُورٍ ؛ قَدْ أَنَافَتْ عَلى كُلِّ الْجِنَانِ، وَرَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَوْمَئِذٍ قَاعِدٌ عَلَيْهَا مُرْتَدٍ بِرَيْطَتَيْنِ: رَيْطَةٍ مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ، وَرَيْطَةٍ مِنْ نُورِ اللّهِ ، عَلَيْهِ تَاجُ النُّبُوَّةِ وَإِكْلِيلُ الرِّسَالَةِ ، قَدْ أَشْرَقَ بِنُورِهِ الْمَوْقِفُ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ، وَهِيَ دُونَ دَرَجَتِهِ .وَعَلَيَّ رَيْطَتَانِ: رَيْطَةٌ مِنْ أُرْجُوَانِ النُّورِ، وَرَيْطَةٌ مِنْ كَافُورٍ، وَالرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ قَدْ وَقَفُوا عَلَى الْمَرَاقِي، وَأَعْلَامُ الْأَزْمِنَةِ وَحُجَجُ الدُّهُورِ عَنْ أَيْمَانِنَا، قَدْ تَجَلَّلَتْهُمْ حُلَلُ النُّورِ وَالْكَرَامَةِ، لَا يَرَانَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلَا بُهِتَ بِأَنْوَارِنَا، وَعَجِبَ مِنْ ضِيَائِنَا وَجَلَالَتِنَا.وَعَنْ يَمِينِ الْوَسِيلَةِ عَنْ يَمِينِ الرَّسُولِ صلى الله عليه و آله غَمَامَةٌ بَسْطَةَ ۳ الْبَصَرِ يَأْتِي مِنْهَا النِّدَاءُ: يَا أَهْلَ الْمَوْقِفِ، طُوبى لِمَنْ أَحَبَّ الْوَصِيَّ، وَآمَنَ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْعَرَبِيِّ، وَمَنْ كَفَرَ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ.وَعَنْ يَسَارِ الْوَسِيلَةِ عَنْ يَسَارِ الرَّسُولِ صلى الله عليه و آله ظُلَّةٌ يَأْتِي مِنْهَا النِّدَاءُ: يَا أَهْلَ الْمَوْقِفِ، طُوبى لِمَنْ أَحَبَّ الْوَصِيَّ، وَآمَنَ بِالنَّبِيِّ ا لأمِّيِّ، وَالَّذِي لَهُ الْمُلْكُ الْأَعْلى، لَا فَازَ أَحَدٌ وَلَا نَالَ الرَّوْحَ وَالْجَنَّةَ إِلَا مَنْ لَقِيَ خَالِقَهُ بِالْاءِخْلَاصِ لَهُمَا، وَالِاقْتِدَاءِ بِنُجُومِهِمَا، فَأَيْقِنُوا يَا أَهْلَ وَلَايَةِ اللّهِ بِبَيَاضِ ۴ وُجُوهِكُمْ،

1.الحجّ (۲۲) : ۴۷ .

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «درجة».

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «بسط».

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «بتبييض».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108638
صفحه از 630
پرینت  ارسال به