215
البضاعة المزجاة المجلد الأول

على كنه حقيقة ذاته وصفاته . ۱ وقيل: الظاهر أنّ المراد بالأوهام ما يشمل العقول أيضاً . ۲ وأنت خبير بأنّ هذا الإطلاق مجاز ، ولابدّ له من قرينة، وبأنّ مقابلتها بالعقول يأبى عنه ظاهراً.(وحجب العقول أن تتخيّل ذاته) أي تتعقّلها وتدركها .
قال الفيروزآبادي: «خال الشيء يخال خَيلاً وخَيلة: ظنّه، وخيّل عليه تخييلاً وتخيّلاً: وجّه التهمة إليه، وفيه الخير : تفرّسه ، كتخيّله». ۳ وقيل: لما بيّن عليه السلام أنّ الأوهام قاصرة عن إدراكه بذاته وصفاته، أشار إلى أنّ العقول المدركة للكلّيّات قاصرة عن إدراكه أيضاً ؛ لينسدّ باب من يدّعي إدراكه؛ لأنّ الإدراك لايخلو من أحد هذين الوجهين. انتهى . ۴ وفيه تأمّل؛ فإنّ بناء هذا الكلام على ما ادّعاه الفلاسفة من الحواسّ الباطنة وأدلّتهم في إثباتها مدخولة، بل الظاهر أنّ العقل مدركة للكلّيّات والجزئيّات جميعاً بلا توسّط شيء من الحواسّ الباطنة، فالعقل والوهم شيء واحد بالذات مختلف بالاعتبار .وهذا الإيراد وارد أيضاً على ما قيل من أنّه عليه السلام عبّر عن الإدراك والتعقّل بالتخيّل للتنبيه على أنّ العقل في عدم قدرته على إدراك كنه ذاته تعالى كالخيال ؛ إذا الصور العقليّة كالصور الخياليّة في الحدوث والتجزّي والتحليل والتحيّز والاتّصاف بالعوارض والافتقار إلى محلّ وعلّة ، وقدس الحقّ منزّه عن جميع ذلك، وإنّما غاية عرفان العقل له أن يحكم بوجوده بالعنوانات العقليّة، ويعرفه بصفاته الإضافيّة والسلبيّة . ۵

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۳ .

2.في الحاشية: «نعم للأوهام، أو تنال وجوده لظهوره في صورة وجودها ووجود سائر مدركاتها وعوارض وجوداتها والتغيّرات اللاحقة بها من جهة ما هو صانعها وموجدها؛ إذ الوهم عند مشاهدة هذه المدركات المشخّصة يحكم بذاته أو بمعونة العقل بما حكم بوجوده تعالى ، وهذه المعاني الجزئيّة مع مشاركة الوهم نسب الحكم به إليه ، وللعقل طريق آخر للحكم بوجوده ، ومن هنا ينسبون الحكم بوجوده تارة إلى العقل ، وتارة إلى الوهم ، وظهر لك الفرق بينهما . صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۳ .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۶ .

4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۷۲ (خيل) مع التلخيص .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
214

أغراض الدنيا، فلا ينبغي أن تكون كذلك.وقيل: النهي عن الاختلاف لكثرتهم، أو لشبهتهم وتلبيسهم ، كما أختلف لذلك كثير من الناس.
(يا جابر، إنّ الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول اللّه صلى الله عليه و آله في أيّامه) .وذلك الجحود إمّا بإنكار أنّه لابدّ منه ، أو بإنكار أنّه هو ، أو بعدم الإقرار بما يليق به، وذكر الصاحب على سبيل التمثيل ، والغرض أنّ إنكار آخرهم مستلزم لإنكار أوّلهم.(يا جابر، اسمع وعِ) أمر من الوَعي .
وفي القاموس: «وَعاه يعيه: حفظه وجمعه». ۱ (قلت: إذا شئت) كأنّه بصيغة الخطاب.
وقيل: هو بمنزلة إن شاء اللّه؛ لأنّ مشيئته مشيئة اللّه تعالى ۲ ، ولا يخفى ما فيه من البُعد .والأصحّ ما قيل: إنّ التقدير: إذا شئت أن أسمع ، تقول: فأسمع، أو إذا شئت أن أسمع وأعي أسمع وأعي ، فحذف الجزاء بقرينة المقام . ۳ أو يقال: إنّ قوله: «شئت» بصيغة المتكلّم، و«إذا» بالتنوين.
وقوله: (خطب الناس بالمدينة)؛ يعني في مسجدها، وسيصرح به .قوله عليه السلام : (منع الأوهام أن تنال إلّا وجوده) أي سوى التصديق والإذعان بوجوده لما يُشاهَد من آثاره وصنائعه؛ لأنّ الأوهام لا تنال إلّا المعاني الجزئيّة المعلقّة بالمحسوسات والموادّ الجسمانيّة كالمحبّة والشفقة والعداوة ونحوها .وقيل: كالشكل والهيئة والمقادير وأمثالها. ۴
وفيه نظر؛ لأنّ تلك الاُمور إنّما تدرك بالحواسّ الظاهرة وما يجري مجراها ، لا بالواهمة كما حقّق في موضوعه .واللّه ـ تعالى شأنه ـ ليس بشيء من تلك الاُمور ، فلا يتمكّن الأوهام من إدراكه والاطّلاع

1.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۴۰۰ (وعي).

2.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۲ .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۶ ، ومال إليه المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۲۹ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۳ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 113580
صفحه از 630
پرینت  ارسال به