على كنه حقيقة ذاته وصفاته . ۱ وقيل: الظاهر أنّ المراد بالأوهام ما يشمل العقول أيضاً . ۲ وأنت خبير بأنّ هذا الإطلاق مجاز ، ولابدّ له من قرينة، وبأنّ مقابلتها بالعقول يأبى عنه ظاهراً.(وحجب العقول أن تتخيّل ذاته) أي تتعقّلها وتدركها .
قال الفيروزآبادي: «خال الشيء يخال خَيلاً وخَيلة: ظنّه، وخيّل عليه تخييلاً وتخيّلاً: وجّه التهمة إليه، وفيه الخير : تفرّسه ، كتخيّله». ۳ وقيل: لما بيّن عليه السلام أنّ الأوهام قاصرة عن إدراكه بذاته وصفاته، أشار إلى أنّ العقول المدركة للكلّيّات قاصرة عن إدراكه أيضاً ؛ لينسدّ باب من يدّعي إدراكه؛ لأنّ الإدراك لايخلو من أحد هذين الوجهين. انتهى . ۴ وفيه تأمّل؛ فإنّ بناء هذا الكلام على ما ادّعاه الفلاسفة من الحواسّ الباطنة وأدلّتهم في إثباتها مدخولة، بل الظاهر أنّ العقل مدركة للكلّيّات والجزئيّات جميعاً بلا توسّط شيء من الحواسّ الباطنة، فالعقل والوهم شيء واحد بالذات مختلف بالاعتبار .وهذا الإيراد وارد أيضاً على ما قيل من أنّه عليه السلام عبّر عن الإدراك والتعقّل بالتخيّل للتنبيه على أنّ العقل في عدم قدرته على إدراك كنه ذاته تعالى كالخيال ؛ إذا الصور العقليّة كالصور الخياليّة في الحدوث والتجزّي والتحليل والتحيّز والاتّصاف بالعوارض والافتقار إلى محلّ وعلّة ، وقدس الحقّ منزّه عن جميع ذلك، وإنّما غاية عرفان العقل له أن يحكم بوجوده بالعنوانات العقليّة، ويعرفه بصفاته الإضافيّة والسلبيّة . ۵
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۳ .
2.في الحاشية: «نعم للأوهام، أو تنال وجوده لظهوره في صورة وجودها ووجود سائر مدركاتها وعوارض وجوداتها والتغيّرات اللاحقة بها من جهة ما هو صانعها وموجدها؛ إذ الوهم عند مشاهدة هذه المدركات المشخّصة يحكم بذاته أو بمعونة العقل بما حكم بوجوده تعالى ، وهذه المعاني الجزئيّة مع مشاركة الوهم نسب الحكم به إليه ، وللعقل طريق آخر للحكم بوجوده ، ومن هنا ينسبون الحكم بوجوده تارة إلى العقل ، وتارة إلى الوهم ، وظهر لك الفرق بينهما . صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۳ .
3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۶ .
4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۷۲ (خيل) مع التلخيص .