217
البضاعة المزجاة المجلد الأول

أي عيب ، يقول الناظر: لو كان كذا لكان أحسن . ۱
وأقول: كأنّه إشارة إلى نفي الشبه والتشاكل وبرهان عليه، وتقريره أنّه تعالى لو جاز عليه التشابه وأمثاله من لوازم الإمكان ، لزم أن يتفاوت في أصل ذاته بأن يكون له أجزاء متفاوتة خارجيّة كالأعضاء والجوارج والأبعاض والأبعاد، أو عقليّة كالجنس والفصل، وبالجملة يلزم أن يتفاوت في ذاته وذاتيّاته بالعموم والخصوص والمغايرة والمباينة وأمثالها، ولا شكّ أنّ جميع ذلك من صفات الحدوث وصفات الإمكان، ويمتنع اتّصاف الواجب بالذات بما هو من لوازم الإمكان، وإلّا لزم صيرورة الواجب ممكناً، وبالعكس .وقيل: إشارة إلى نفي اتّصافه بصفات الخلق، وتحقّق التشابه بينه وبينهم؛ لأنّ ذلك يوجب تحقّق التفاوت في ذاته، وإنّه باطل . بيان ذلك أنّ هويّته المستفادة من قوله : «بل هو» ذاتيّة مطلقة غير مضافة إلى الغير، ومن كان كذلك فهو هو دائما من غير تبدّل ولا تغيّر في ذاته وهويّته ، فلو طرء عليه المعاني وصفات الخلق لزم انتقاله من هويّته الذاتيّة إلى هويّته الإضافيّة، فلزم التفاوت في ذاته، وإنّه محال، انتهى ۲ . فتأمّل فيه .(ولم يتبعّض ۳ بتجزئة العدد في كماله) أي في حدّ كماله، أو في صفات كماله.وكأنّه إشارة إلى نفي زيادة الصفات الذاتيّة الموجودة في الخارج على ذاته المتعالية، وكلمة «في» ظرفيّة، أو سببيّة.
وقيل: المراد بتجزئة العدد تحليله بأجزائه المستلزم للكثرة، وإنّما نفى التبعّض والتجزّئ للتنبيه على ما يلزم القائلين بزيادة الصفات من لزوم كون الواجب مجموع الصفة والموصوف؛ لأنّ الواجب كامل بالاتّفاق والبرهان، والكامل هذا المجموع لا كلّ واحد منها بانفراده بالضرورة ، والقول بأنّ المجموع واجب الوجود أقبح وأشنع للزوم التركيب والحدوث والإمكان والافتقار من جهات شتّى، وإن كان القول بأنّ الواجب أحدهما دون الآخر أيضاً باطلاً بالضرورة. ۴ (فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن) بأن يكون هو في مكان وسائر الأشياء في مكان

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۵۴ (فوت) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۴ .

3.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا وكلتا الطبعتين : «ولا يتبعّض» .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
216

وقال بعض الأعلام:معنى قوله عليه السلام : «أن تتخيّل ذاته»، أي كنه ذاته إن كان المراد بالتخيّل الارتسام في الخيال كما هو المصطلح ، والمراد بالتعليل في قوله عليه السلام : (لامتناعها من الشبه ۱ والتشاكل) أنّ التخيّل إنّما يكون في المحسوسات والمادّيّات، فلو كان قدسه تعالى متخيّلاً كان شبيهاً بها مشاكلاً لها مشتركاً معها في الصفات الإمكانيّة، وهو متعال عن ذلك علوّاً كبيراً .ولو كان المراد الارتسام في العقل كما هو الأظهر، فالمراد أنّه تعالى لا يشبه شيئاً حتّى يكون له ما به الاشتراك وما به الامتياز حتّى يتصوّر بهما، أو أنّه لا يشبه شيئاً من الصور الحاصلة في العقل ؛ لافتقارها إلى المحلّ، وكون حصولها بعلّة ممكنة، أو لأنّه إذا كان متعقّلاً كان في كونه متعقّلاً شبيهاً بما يتعقّل من الممكنات، أو أنّه لابدّ من مناسبة بين العاقل والمعقول ؛ ليمكن التعقّل ، والمناسبة والمشابهة بينه وبين خلقه منتف رأساً. ۲ وأقول : الشبه والشكل في أصل اللغة متقاربان.
قال الفيروزآبادي: «الشبه، بالكسر وبالتحريك [و] كأمير: المثل» . ۳ وقال: «الشكل: الشبه والمثل، ويكسر، وما يوافقك ويصلح لك» ۴ انتهى .
وفي الاصطلاح: الشبه والشبيه في الكيف ، والمشاكلة: المناسبة في الشكل، وهو الهيئة أو الصورة أو الحدّ أو الحدود بالمقدار . ۵ والظاهر أنّ التعليل لمنع الأوهام وحجب العقول جميعاً، والغرض أنّ ذلك المنع والحجب لامتناع ذاته تعالى عن أن يكون له شبيهاً أو مشاكل في التحليل والتوصيف والتصوير والتحيّز والحاجة والتكيّف والتشبّه بالخلق.وبالجملة إدراك العقل والوهم كنه ذاته وحقيقة صفاته يستلزم مشابهته ومشاكلته تعالى بخلقه في الاُمور المذكورة وما شاكلها ، وهي ممتنعة في حقّ خالقها وصانعها.(بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته) .
في القاموس: «تفاوت الشيئين : تباعد ما بينهما، «وَمَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفَاوُتٍ»۶ ؛

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۶ .

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «التشبّه».

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۸۶ (شبه) .

4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۴۰۱ (شكل) .

5.راجع للمزيد : الفروق اللغويّة لأبي هلال العسكري ، ص ۳۰۴ (الفرق بين الشكل والشبه) .

6.الملك(۶۷) : ۳ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 113520
صفحه از 630
پرینت  ارسال به