توضيحه: أنّه ليس إنشاؤه للخلق على وجه التعلّم من الغير بحيث يشير إليه على وجه الصواب، واشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه بقوله: «مبتدع الخلائق بعلمه بلا اقتداء ولا تعليم» ۱ . ۲
(إن قيل: «كان» فعلى تأويل أزليّة الوجود) . قيل: لما فهم من قولنا: «فلان كان موجوداً» حدوث وجوده في الزمان الماضي ؛ لدلالة «كان» عليه ، أشار إلى نفي ذلك بأنّ المراد به أزليّة وجوده . والأزل عبارة عن عدم الأوّليّة والابتداء، وهذا أمر يلحق واجب الوجود لما هو هو بحسب الاعتبار العقلي، وهو ينافي لحوق الابتداء والأوّليّة لوجوده ؛ لاستحالة اجتماع النقيضين . ۳ (وإن قيل: «لم يزل» فعلى تأويل نفي العدم)؛ لما فهم من قولنا: «لم يزل موجوداً» كون وجوده في الزمان، وعدم زواله عنه، أشار إلى نفي ذلك ـ إذ لا زمان لوجوده ـ بأنّ معناه نفي العدم عنه، أي وجوده ليس مسبوقاً به.وقال بعض الأفاضل:
قوله عليه السلام : «إن قيل: كان» إلخ، أي ليس كونه موجوداً في الأزل عبارة عن مقارنته للزمان أزلاً لحدوث الزمان، بل بمعنى أن ليس لوجوده ابتداء، أو أنّه تعالى ليس بزماني، وكان يدلّ على الزمانيّة.فتأويله أنّ معنى كونه أزلاً أنّ وجوده يمتنع عليه العدم، وفي الفقرة الثانية لعلّ المعنى الأخير متعيّن.
ويحتمل أن يكون المراد أنّه إن قيل: «كان» فليس كونه من قبيل كون الممكنات لحدوثها، فإنّ في العرف يفهم من الكون الحدوث، بل معناه أزليّة وجوده تعالى .وإن قيل: «لم يزل» فليس على ما يطلق في الممكنات، يقولون: لم يزل هو كذلك، ويعنون به الكون على هذه الحال مدّة حياتهم، أو مدّة طويلة، بل معناه نفي العدم أبداً.أو المعنى أنّه إذا قيل في الممكنات: «لم يزل» فمعناه استمرار وجودهم مع طريان أنحاء العدم والتغيّر والتبدّل عليهم، ومعنى «لم يزل» في حقّه تعالى نفي جميع أنحاء العدم والتغيّرات عنه.
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۵ .
2.راجع : نهج البلاغة ، ص ۲۸۳ ، الخطبة ۱۹۱ .
3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۵ . وقريبا منه في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۷ .