وقوله: (تَرفعان القول) صفة للشهادتين، أي كلّ واحد منهما، أو كلاهما معاً ترفعان القول الحسن إلى درجة القبول.(وتُضاعفان العمل) أي تصيران سبب المضاعفة.والحاصل أنّه لا يرتفع قول من الأقوال الحسنة إليه تعالى إلّا بمقارنتهما ، وبالإقرار بهما ، والتكلّم بهما يوجب تضاعف الأعمال، أو الإذعان بهما ترتّب الثواب على سائر الأعمال وتضاعفه.وقيل: يحتمل أن يكون المراد: أشهد شهادة خالصة مقرونة بالشرائط حتّى يترتّب عليها رفع القول ومضاعفة العمل . ۱ وعلى كلّ تقدير يكون إشارة إلى قوله تعالى: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ»۲ على وجه.
(خفّ ميزان تُرفعان منه ، وثقل ميزان توضعان فيه) .الرفع والوضع كناية عن عدمهما في تضاعف الأعمال ووجودهما فيها، أو الوضع كناية عن قبولهما، والرفع عن عدمه لفقدان شرائط القبول.وقال الشيخ البهائي في كتاب الأربعين :
ثقل الميزان كناية عن كثرة الحسنات، ورجحانها على السيّئات، وقد اختلف أهل الإسلام في أنّ وزن الأعمال الوارد في الكتاب والسنّة هل هو كناية عن العدل والإنصاف والتسوية، أو المراد به الوزن الحقيقي ؛ فبعضهم على الأوّل؛ لأنّ الأعراض لا يعقل وزنها، وجمهورهم على الثاني للوصف بالخفّة والثقل في القرآن والحديث، والموزون صحائف الأعمال أنفسها بعد تجسّمها في تلك النشأة .ثمّ قال:
الحقّ أنّ الموزون في النشأة الاُخرى هو نفس الأعمال لا صحائفها ، وما يقال من أنّ تجسّم العرض طور خلاف طور العقل فكلام ظاهري عامّي ، والذي عليه الخواصّ من أهل التحقيق أنّ سنخ الشيء ـ أي أصله وحقيقته ـ أمر مغاير لصورته التي يتجلّى بها على المشاعر الظاهرة، ويلبسها لدى المدارك الباطنة ، وأنّه يختلف ظهوره في تلك