229
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وقيل: الأظهر أنّ المراد أنّه مركوب للتعب يركبه، فإذا أقبل الاحتكار إليك أقبل راكبه معه، أو أنّه يسهّل وصول المتاعب إليك كما أنّ المركب يسهّل وصول الراكب إلى مقصوده . ۱ وقال بعض الشارحين: «الاحتكار: اللجاجة، والظلم، والاستبداد بالشيء، وإساءة المعاشرة، واحتباس الغلّة لانتظار الغلاء، والكلّ مناسب هنا» ۲ انتهى.وفيه بحث؛ إذ ما ذكره من المعاني سوى الأخير ليس معنى الاحتكار. قال صاحب القاموس: «الحَكر: الظلم، وإساءة المعاشرة، والشيء القليل، وبالتحريك : ما اُحتكر، أي احتُبس انتظاراً لغلائه ، واللجاجة ، والاستبداد بالشيء» . ۳ وقال الجوهري: «احتكار الطعام : حبسه وجمعه يتربّص به الغلاء» ۴ انتهى، فتأمّل جدّاً .
(والحسد آفة الدين) .يقال: حسده، وعليه ـ كنصر وضرب ـ حسداً، إذا تمنّى أن يتحوّل نعمته إليه . والآفة: العاهة، أو مرض مفسد لما أصابه.
وقيل: وجه كون الحسد آفة الدين أنّ الحاسد يضادّ إرادة اللّه في التقسيم والتدبير في الإفضال والإنعام، ويحتقر نصيبه ويكفر به، ويلتذّ طبعه بمضارّ الناس وزوال نعمتهم ، ويغتمّ بمصالحهم ومنافعهم، ويشتغل بالهمّ والحزن بمشاهدة انتظام أحوالهم، ويصرف الفكر في تحصيل أسباب زوالها ، حتّى لا يفرغ لتحصيل ما يعود نفعه إليه من الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة ، وحفظ ما حصل له من الملكات الخيريّة والصور العلميّة ، وكلّ ذلك موجب لفساد الدين . ۵ (والحرص داع إلى التقحّم في الذنوب) .
يقال: قحم في الأمر ـ كنصر ـ قحوماً، رمى بنفسه فيه فجأة بلا رويّة ، وقحمّه تقحيما ، وأقحمته فاقتحم.والحرص: الهمّ والحزن على فوت الزائد وتوزّع البال في التوصّل إليه ، والظاهر أنّه

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۴۰ .

2.شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۹ .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۲ (حكر) .

4.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۳۵ (حكر) .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۹ و۲۱۰ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
228

فعلى الأوّل يحتمل أن يكون الراحة منصوباً بنزع الخافض، أي انتظم مع الراحة في سلك أو في مسلك الراحة.وعلى الثاني يحتمل أن يكون المراد أنّه اصطاد الراحة، وانتظهما بسهمة، أو برمحة.
(وتبوّأ خَفض الدَّعة) .يقال: تبوّأت منزلاً، أي نزلته.
والدعة بفتحين: رفاهيّة العيش وسعته والسكون والراحة.والخفض: الترفّه في العيش. والإضافة إمّا لاميّة، أو بيانيّة مبالغة، أي اتّخذ غاية السكون والراحة منزلاً لنفسه، ونزل فيها، والتزمها.
(والرغبة مفتاح التعب) .شبّه الرغبة في الدنيا والزيادة عن الكفاف بالمفتاح من حيث إنّها سبب فتح باب التعب، فكأنّها آلة له في تحصيلها وحفظها تعب شديد، ففيه زجر عنها.ويحتمل أن يكون المراد الرغبة في أيّ شيء كان من اُمور الدين والدنيا، ففيه ترغيب إلى الأوّل، وزجر عن الثاني، فتأمّل.
وقال بعض المحقّقين: «فيه إشارة إلى مسألة ، وهي أنّ الإتيان بالفعل الاختياري لا يتصوّر إلّا لمن رغب فيه أوّلاً، وقد برهن عليه في موضعه» . ۱ (والاحتكار مَطيّة النَّصَب) .
الاحتكار: حبس الشيء انتظارا لغلائه .ولعلّ المراد هنا مطلق الحبس والإمساك.
والنصب محرّكة: التعب، وفعله كفرج. والنصب بالفتح والضمّ وبضمّتين: الشرّ والرأى والبلاء، وتشبيه الاحتكار بالمطيّة مبالغة في سببيّته للنصب، وورود النصب عليه، فكأنّه يركبه.وقيل: المراد أنّ الاحتكار كمطيّة يتعب ركوبها . ۲

1.نقله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۹ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۴۰ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 113498
صفحه از 630
پرینت  ارسال به