وقيل: الأظهر أنّ المراد أنّه مركوب للتعب يركبه، فإذا أقبل الاحتكار إليك أقبل راكبه معه، أو أنّه يسهّل وصول المتاعب إليك كما أنّ المركب يسهّل وصول الراكب إلى مقصوده . ۱ وقال بعض الشارحين: «الاحتكار: اللجاجة، والظلم، والاستبداد بالشيء، وإساءة المعاشرة، واحتباس الغلّة لانتظار الغلاء، والكلّ مناسب هنا» ۲ انتهى.وفيه بحث؛ إذ ما ذكره من المعاني سوى الأخير ليس معنى الاحتكار. قال صاحب القاموس: «الحَكر: الظلم، وإساءة المعاشرة، والشيء القليل، وبالتحريك : ما اُحتكر، أي احتُبس انتظاراً لغلائه ، واللجاجة ، والاستبداد بالشيء» . ۳ وقال الجوهري: «احتكار الطعام : حبسه وجمعه يتربّص به الغلاء» ۴ انتهى، فتأمّل جدّاً .
(والحسد آفة الدين) .يقال: حسده، وعليه ـ كنصر وضرب ـ حسداً، إذا تمنّى أن يتحوّل نعمته إليه . والآفة: العاهة، أو مرض مفسد لما أصابه.
وقيل: وجه كون الحسد آفة الدين أنّ الحاسد يضادّ إرادة اللّه في التقسيم والتدبير في الإفضال والإنعام، ويحتقر نصيبه ويكفر به، ويلتذّ طبعه بمضارّ الناس وزوال نعمتهم ، ويغتمّ بمصالحهم ومنافعهم، ويشتغل بالهمّ والحزن بمشاهدة انتظام أحوالهم، ويصرف الفكر في تحصيل أسباب زوالها ، حتّى لا يفرغ لتحصيل ما يعود نفعه إليه من الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة ، وحفظ ما حصل له من الملكات الخيريّة والصور العلميّة ، وكلّ ذلك موجب لفساد الدين . ۵ (والحرص داع إلى التقحّم في الذنوب) .
يقال: قحم في الأمر ـ كنصر ـ قحوماً، رمى بنفسه فيه فجأة بلا رويّة ، وقحمّه تقحيما ، وأقحمته فاقتحم.والحرص: الهمّ والحزن على فوت الزائد وتوزّع البال في التوصّل إليه ، والظاهر أنّه
1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۴۰ .
2.شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۹ .
3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۲ (حكر) .
4.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۳۵ (حكر) .
5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۹ و۲۱۰ .