245
البضاعة المزجاة المجلد الأول

قال الفيروزآبادي: «ردعه كمنعه: كفّه وردّه، فارتدع». ۱ (ومن لا يعقل يُهَن) على البناء للمفعول من الإهانة، وهي الاستخفاف والإذلال، أي من لا يستعمل عقله يُهان ويستحقر ويستهزء؛ لأنّ غير العاقل سفيه مستحقّ لجميع ذلك في النشأتين.ويحتمل أن يكون «يهن» على صيغة المجرّد من الهوان. في القاموس: «هان هَوناً ـ بالضمّ ـ وهَواناً: ذلّ». ۲ (ومن يُهن لا يُوقَّر) ؛ للتضادّ بينهما ، ووجود أحد الضدّين في محلّ يستلزم عدم الآخر.
(ومن لا يُوقّر يَتَوبّخ) .في بعض النسخ: «لا يتوقّر» بدل «لا يوقّر». وفي بعضها: «ومن يتّق ينج».
والتوبيخ: اللؤم والتأنيب والتهديد. يقال: وبّخته فتوبّخ، وهذه المقدّمات إذا اعتبرت انتاجها ينتج أنّ من لم يرتدع يتوبّخ.(ومن يكتسب مالاً من غير حقّه) .
الضمير للكسب ، أو للمال، والأخير أولى ؛ ليوافق الضمائر الآتية.(يصرفه في غير أجره) أي فيما لا يوجر عليه، ولا ثواب بصرفه، وإن أعطاه مسكيناً، وأطعمه جائعاً؛ لأنّ الواجب عليه ردّه إلى صاحبه، وأمّا إنّه يعاقب به، فيعلم من موضع آخر . وفي القاموس: «الأجر: الجزاء على العمل» . ۳ (ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم) أي من لم يترك الدنيا والقبائح باختياره، أو بالنصح، أو بالتفكّر والتنبّه، فيُمدح بتركها عند الخلق والخالق ، يتركها البتّة إمّا بزجز زاجر، أو بالموت وهو مذموم، ولا يُحمد بذا الترك، والعاقل لا يؤثر الذمّ على المدح.(ومن لم يُعط قاعداً مُنع قائماً) يحتمل وجوهاً:
الأوّل : أن يكون الفعلان على صيغة المجهول، ويكون المراد: من لم يعط رزقه زائداً على القوت، أو على الوجه المقدّر حال كونه قاعداً، أي بلا تعب وكدّ في تحصيله مُنع، ولم يُعط حال كونه قائماً طالباً له، أي لم ينفعه السعي والطلب، فالقيام كناية عن السعي والطلب،

1.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۹ (ردع) .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۷۸ (هون) .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۶۲ (أجر) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
244

دليل على انتفاء الملزوم. ويؤيّده قول أمير المؤمنين عليه السلام : «كغى بالمرء جَهلاً أن لا يعرف قدره» ۱ انتهى. ۲ ولا يخفى بُعد هذا التوجيه.
ويمكن أيضاً قراءة «يعلم» و«يجهل» كلاهما على صيغة المجرّد المعلوم، ويكون المراد بالجهل ما يقابل العقل، أي من لا علم له لا عقل له، بمعنى أنّ انتفاء الأوّل مستلزم لانتفاء الثاني، فهو دليل عليه.ويحتمل أن يراد بالعلم حينئذٍ العلم الكامل، وبالجهل عن العلم يعني ما يتنزّل عن كمال العلم ويحطّ منه، فكأنّه جهل القوم الانتفاع التامّ به.ويمكن أن يقرأ «يجهل» على صيغة المجرّد المجهول، ويكون المراد أنّ عدم العلم سبب لخمول الذكر، كما أنّ وجوده سبب لرفعة الذكر وإعلائه . أو على صيغة المجهول من التجهيل، أي من لا يكون له علم أو كمال ، أو تعلّم ، أو تعليم ، ينسب إلى الجهل ، ويعيش في زمرة الجهّال.ويحتمل أيضاً قراءة «يعلم» على صيغة المعلوم من التعليم، والمراد أنّ تعليم العلم سبب لوفوره ، كما أنّ ترك التعليم سبب لزواله، واللّه يعلم.(ومن لا يتحلّم لا يَحْلَم) .
فيه ترغيب في التحلّم لتحصيل الحلم ؛ لأنّ الحلم المكتسب إنّما يحصل به إلى أنيصير ملكة.
وفي القاموس: «الحلم بالكسر: الأناة والعقل، وقد حَلُم ـ بالضمّ ـ حلماً وتحلّم: تكلّفه» . ۳ (ومن لا يَرتدع لا يعقل) أي من لا يكفّ نفسه عمّا لا ينبغي من القبائح لا يعقل أصلاً، أو لا يكمل عقله.
وقيل: أو لا يعقل قبحها وسوء خاتمتها وفسادها؛ إذ لو عقلها لارتدع عنها. ۴

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۱۷ .

2.دعائم الإسلام ، ج ۱ ، ص ۹۷ ؛ الإرشاد ، ج ۱ ، ص ۲۳۱ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۲۴۴ ، المجلس ۹ ، ح ۴۱۶ ؛ إرشاد القلوب ، ج ۱ ، ص ۳۴ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۹۹ (حلم) مع التلخيص .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۱۸ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112895
صفحه از 630
پرینت  ارسال به