249
البضاعة المزجاة المجلد الأول

العقاب في العُقبى وقبل فوات الفُرصة وعدم إمكان التدارك بأن يراقب المكلّف أحوالهوأفعال أعضائه وجوارحه، ويشغل كلّ عضو منها إلى ما هو مطلوب منه، ويمنعه عمّا نهى عنه، فإن صدر منه أحياناً خلاف ما ينبغي تداركه بالتوبة والأداء والقضاء والإبراء ونحوها . ۱ (والقبر خير من الفقر) .
لعلّ المراد فقر العلم والدين. روى المصنّف رحمه الله في الاُصول عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: «الفقر الموت الأحمر»، فقلت لأبي عبد اللّه: الفقر من الدينار والدرهم؟! فقال: «لا، ولكن من الدين». ۲ ويحتمل أن يكون المراد الافتقار إلى الناس، أو الفقر القلبي، والإفلاس الحقيقي، ومآل هذا وما ذكره أوّلاً واحد .
أو المراد الفقر المعروف الذي ليس معه صبر ولا ورع.(وغَضّ البصر خير من كثير من النظر) ۳ ؛ لأنّ النظر سهم مسموم من سهام إبليس.
وفي تحف العقول ۴ وبعض نسخ الكتاب: «وعمى البصر» ، وهو أظهر.(والدهر يوم لك ويوم عليك) كناية عن عدم خلوص التعيّش فيه، بل مسرّته مشوبة بالمساءة وفرحه بالهمّ وغناه بالفقر وصحّته بالمرض ، وهكذا .وفيه ترغيب للاستعداد بالواردات والصبر عليها، وعدم الاهتمام بعزّته، وعدم الاغتمام بذلّته، كما أشار إليه بقوله: (فإذا كان لك فلا تَبطر ، وإذا كان عليك فاصبر). ۵ البَطَر محرّكة: النشاط ، والأَشَر ، وقلّة احتمال النعمة ، والدَّهَش ، والحيرة، أو الطغيان بالنعمة ، وكراهة الشيء من غير أن يستحقّ الكراهة، وفعل الكلّ كفرح.

1.في الحاشية : «فلا ينبغي تأخّر الحساب إلى القيامة ؛ لإمكان ظهور الخيانة عند المحاسبة فيها ، ولا يمكن التدارك حينئذ ، بل ينبغي تقديمه والاشتغال به في الدنيا . صالح» . شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۱۹ و۲۲۰ .

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۶۶ ، باب (من دون العنوان) ، ح ۲ .

3.في الحاشية: «أمر بغضّ البصر وترك النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه ، أو أكثر المفاسد والخطر من إرسال النظر. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۰ .

4.تحف العقول ، ص ۹۵ .

5.في الحاشية: «لأنّ الصبر في مواطن المكاره والشدائد من صفات الأنبياء والأولياء، وهو مع كونه سبباً للمقامات العليّة الدرجات الرفيعة سبب أيضاً لسهولة المحنة ونزول الفرج . صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۰ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
248

ثمّ قال بعض الأعلام في شرح هذا الكلام:أي ينبغي تحمّل الموت [والمنيّة] قبل أن تنتهي الحال إلى الدنيّة، كما إذا أرادك العدوّ، فتترك الجهاد، وتصير أسيراً له، فالجهاد والموت قبله أفضل من تركه إلى أن يرد عليك الدنيّة . ۱ ويقرب منه ما قيل: يعني احتمال الموت قبل احتمال ما يعيبك، وخير منه. ۲
وقيل: المراد أنّ المنيّة متقدّم وخير من الدنيّة ، فالمراد بالقبليّة القبليّة بالشرف، وفيه بعد.ويؤيّد أحد المعنيين ما في نسخ نهج البلاغة: «المنيّة ولا الدنيّة» ۳ كما يقولون: النار ولا العار . ۴ وقيل: المراد أنّ المنيّة ينبغي أن تكون قبل الموت الاضطراري الذي هو الدنيّة ؛ لقوله عليه السلام : «موتوا قبل أن تموتوا» ۵ . أو قرأ بعضهم: «المُنية» بضمّ الميم وتخفيف الياء بمعنى الاُمنيّة،أي ينبغي أن تكون المُنى قبل العجز عن تحصيلها، والأظهر المعنى الأوّل ۶ ، واللّه أعلم.(والتجلّد قبل التبلّد) .
قال الفيروزآبادي: «الجَلَد محرّكة: الشدّة والقوّة، وهو جَلْد ، وجَلُد ـ ككرم ـ جَلادة، وتجلّد : تكلّفه» . ۷ وقال:التبلّد: ضدّ التجلّد، بلد ـ ككرم وفرح ـ فهو بَليد وأبلد : التصفيق ، والتحيّر ، والتلهّف ، والسقوط إلى الأرض ، والتسلّط على بلد الغير ، والنزول ببلد ما به أحد، وتقليب الكفّين . ۸ أقول: يمكن هنا إرادة كلّ من تلك المعاني، وحاصل الجميع أنّ التجلّد في الاُمور المطلوبة عقلاً ونقلاً، دينيّة أو دنيويّة، أينبغي أن يكون قبل العجز والمغلوبيّة والتحيّر فيها .(والحساب قبل العقاب) أي محاسبة النفس ومراقبتها في الدنيا ينبغي أن تكون قبل حلول

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۱۹ .

2.مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۴۵ .

3.نهج البلاغة ، ص ۵۴۶ ، الحكمة ۳۹۶ .

4.نقله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۴۵ .

5.راجع : بحار الأنوار ، ج ۶۶ ، ص ۳۱۷ ؛ وج ۶۹ ، ص ۵۷ .

6.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۸۳ (جلد) مع التلخيص .

7.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۷۹ (بلد) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112818
صفحه از 630
پرینت  ارسال به