(وأضداد من خلافها)الضمير للموادّ، أو للحكمة . و«من» بيانيّة، أو ابتدائيّة.
ثمّ شرع عليه السلام في شرح الأضداد وتفسيرها إجمالاً بحيث يفهم من شرح موادّ الحكمة أيضاً.(فإن سَنَح له الرجاء)
في القاموس: «سنح لي رأي ـ كمنع ـ سَنوحاً: عرض» . ۱ والرجاء: اليأس، والمراد به هنا إمّا توقّع الثواب والمنافع من اللّه تعالى، أو توقّع المنافع من الدنيا وأهلها، والثاني أنسب بقوله: (أذلّه الطمع) أي الحرص في الرجاء.قال ابن أبي الحديد:
ليست الاُمور التي عدّها عليه السلام شرحاً للكلام المتقدّم، وإن ظنّ قوم أنّه أراد ذلك ؛ أ لا ترى أنّ الاُمور التي عدّها عليه السلام ليس فيها شيء من باب الحكمة وخلافها، بل هو كلام مستأنف إنّما هو بيان أنّ كلّ شيء ممّا يتعلّق بالقلب يلزمه لازم آخر. ۲ انتهى.وهو كما ترى، بل الظاهر ما قلناه أوّلاً من كونه تفسيراً وبياناً لموادّ الحكمة.
وقال بعض الأفاضل:يمكن أن يوجّه كلامه عليه السلام بوجهين:
أحدهما : أن يكون المراد بموادّ الحكمة العدل والتوسّط في الاُمور التي هو الكمال، وكلّ إفراط وتفريط داخل في الأضداد التي هي من الرذائل الخُلقيّة، وبيّن عليه السلام الأضداد ليعلم أنّ الحكمة هي الوسط بينهما، فإنّ الأشياء إنّما تعرف بأضدادها.والثاني : يُحمل في كلّ منها أحد المذكورين على ما هو الإكمال، والآخر على الإفراط المذموم : ففي الأوّل الرجاء إنّما وضع في النفس ؛ ليرجو الإنسان من فضله تعالى ما لا يضرّ في دنياه وآخرته، فإذا سنح له رجاء ينجرّ إلى الإفراط، فيطمع ما لا حاجة له إليه في دنياه، وممّن لا ينبغي الطمع منه من المخلوقين العاجزين، فيحصل فيه رذيلة الحرص، وقد يترك الرجاء رأساً، فينتهي إلى اليأس من روح اللّه، فيموت آسفاً على ما فات منه ؛ لفقد رجاء التدارك من فضله تعالى.