251
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(وأضداد من خلافها)الضمير للموادّ، أو للحكمة . و«من» بيانيّة، أو ابتدائيّة.
ثمّ شرع عليه السلام في شرح الأضداد وتفسيرها إجمالاً بحيث يفهم من شرح موادّ الحكمة أيضاً.(فإن سَنَح له الرجاء)
في القاموس: «سنح لي رأي ـ كمنع ـ سَنوحاً: عرض» . ۱ والرجاء: اليأس، والمراد به هنا إمّا توقّع الثواب والمنافع من اللّه تعالى، أو توقّع المنافع من الدنيا وأهلها، والثاني أنسب بقوله: (أذلّه الطمع) أي الحرص في الرجاء.قال ابن أبي الحديد:
ليست الاُمور التي عدّها عليه السلام شرحاً للكلام المتقدّم، وإن ظنّ قوم أنّه أراد ذلك ؛ أ لا ترى أنّ الاُمور التي عدّها عليه السلام ليس فيها شيء من باب الحكمة وخلافها، بل هو كلام مستأنف إنّما هو بيان أنّ كلّ شيء ممّا يتعلّق بالقلب يلزمه لازم آخر. ۲ انتهى.وهو كما ترى، بل الظاهر ما قلناه أوّلاً من كونه تفسيراً وبياناً لموادّ الحكمة.
وقال بعض الأفاضل:يمكن أن يوجّه كلامه عليه السلام بوجهين:
أحدهما : أن يكون المراد بموادّ الحكمة العدل والتوسّط في الاُمور التي هو الكمال، وكلّ إفراط وتفريط داخل في الأضداد التي هي من الرذائل الخُلقيّة، وبيّن عليه السلام الأضداد ليعلم أنّ الحكمة هي الوسط بينهما، فإنّ الأشياء إنّما تعرف بأضدادها.والثاني : يُحمل في كلّ منها أحد المذكورين على ما هو الإكمال، والآخر على الإفراط المذموم : ففي الأوّل الرجاء إنّما وضع في النفس ؛ ليرجو الإنسان من فضله تعالى ما لا يضرّ في دنياه وآخرته، فإذا سنح له رجاء ينجرّ إلى الإفراط، فيطمع ما لا حاجة له إليه في دنياه، وممّن لا ينبغي الطمع منه من المخلوقين العاجزين، فيحصل فيه رذيلة الحرص، وقد يترك الرجاء رأساً، فينتهي إلى اليأس من روح اللّه، فيموت آسفاً على ما فات منه ؛ لفقد رجاء التدارك من فضله تعالى.

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۲۹ (سنح) .

2.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱۸ ، ص ۲۷۱ (مع اختلاف يسير والتلخيص) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
250

(فبكلاهما تُمتحن) .في بعض النسخ: «فبكليهما»، وهو الظاهر ؛ يعني فأنت دائماً في الاختبار ، إمّا بأسباب البطر والبغي والاستكبار، أو بأسباب السكينة والاصطبار.(وفي نسخة: «وكلاهما سيُختبر») .
في بعض النسخ المصحّحة: «ستُختبر» . وفي بعضها: «ستُخَبّر» . وفي بعضها : «سيحسر» ۱ من الحسر بمعنى الكشف . وفي بعضها: «استحسر» .الاستحسار: الإعياء، والاستخبار: سؤال الخبر ، والاستعلام ، والاختبار والتخبّر: العلم بالشيء، والتخبير: الإخبار.
وإفراد الفعل باعتبار لفظ «كلا» إن كان غائباً، وإن كان خطاباً يحتاج إلى إضمار، أي تستخبر بهما.(أيّها الناس، أعجب ما في الإنسان قلبُه) .
في القاموس: «القلب: الفؤاد، أو أخصّ منه ، والعقل ، ومحض كلّ شيء» . ۲ وقال بعض الفضلاء :
كلّ ما في الإنسان من الجوارح والأعضاء ، والعروق الساكنة والمتحرّكة ، والعظام الصغيرة والكبيرة ، والأعصاب الغليظة والدقيقة ، والرباطات الدقيقة وغيرها ممّا يشتمل على قليل منها علم التشريح ، أمر عجيب ، ووضع غريب ، يدلّ على قدرة الصانع وحكمته وتدبيره ، بحيث يعجز عن دركه عقول العقلاء، وعن فهمه فحول العلماء.وأعجب ما فيه قلبه ، وهو الجوهر المجرّد المسمّى بالنفس الناطقة التي خلقت له سائر الجوارح والقوى، ووجه كونه أعجب ما أشار إليه إجمالاً : (وله موادّ من الحكمة) . ۳ قال الجوهري: «المادّة: الزيادة المتّصلة» . ۴ وكلمة «من» إمّا بيانيّة، أو ابتدائيّة، ولعلّ المراد بموادّ الحكمة الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، أو الملكات الاكتسابيّة، وبالحكمة ما يعمّ العمليّة والنظريّة.

1.هكذا ضبطه المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۳۰ .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۱۹ (قلب) .

3.شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۰ .

4.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۳۷ (مدد) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112741
صفحه از 630
پرینت  ارسال به