وفي نهج البلاغة: «إن أسعده الرضا». ۱ وقيل: المراد أنّه إذا اُعين بالرضا، وتهيّأت له مقاصدالدنيا على الوجه المرضي عنده . ۲ (نسي التحفّظ) أي الاحتراز عن مخاطرات النفس ومكائد الشيطان، فيقع بذلك في مهاوي العصيان، وفيه ترغيب في التيقّظ وترك الغفلة في تلك الحالة.ولعلّ المراد أنّه إذا اُعين بالرضا من نفسه لم يتحفّظ عمّا يوجب شينه من قول أو فعل ؛ لاعتماده على نفسه.
ثمّ اعلم أنّ الملائكة المحمودة من الرضا والغضب على التوجيه الأوّل من التوجيهين السابقين الحالة المتوسّطة التي هي عدم الإفراط في الرضا، وعدم التفريط بالغضب ، وهي المسمّاة بالعدل ورعاية الحقّ في الاُمور ، بأنّه لا يدعوه رضاه عن أحد ، ولا سخطه عن آخر إلى الخروج عن الإنصاف والعدل ؛ فإن أسعده الرضا الذي هو مطلوب ، نسي أن يتحفّظ ويربط نفسه على الحقّ، فيطغى رضاه عن أخيه في الدين، أو قرابته وحميمه إلى أن يرتكب خلاف الحقّ لأجله .وكذا الغضب من خلاف الحقّ داخل في العدل ممدوح، وإفراطه ينتهي إلى الحميّة والعصبيّة.
وعلى الثاني يكون الغرض بيان الرضا والغضب الممدوحين، والمذموم ما يقابلهما، وكذا سائر الفقرات.(وإن ناله الخوف شغله الحذر) .
الحذر بالكسر وبالتحريك: الاحتراز.لعلّ المراد: إن أصابه الخوف من مخاوف الدنيا يشغله الحذر من مخاوف الدنيا عن العمل للآخرة.
وحاصله: أنّ الخوف الذي هو ممدوح إنّما هو من مخاوف الآخرة، وهو يستعمله في مخاوف الدنيا، فيشغله عن العمل للآخرة.وبعبارة اُخرى إن أصابه من الخلق أو من فوات الدنيا خوف شغله الحذر من المخوف