255
البضاعة المزجاة المجلد الأول

يعني أنّ الغنى جعله عاصياً بالعجب والتكبّر والتفاخر، قال اللّه تعالى: «كَلّا إِنَّ الْاءِنْسَانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى»۱ ، أي رأى نفسه مستغنياً.(وإن عَضَّته فاقة) أي أوجعته فقر وحاجة . فيه مكنيّة وتخييليّة .
قال الفيروزآبادي:عضضته وعليه ـ كسمع ومنع ـ عضّاً وعَضيضاً : أمسكته بأسناني ، أو بلساني ، وبصاحبي عضيضاً: لزمته . والعضيض: العضّ الشديد ، والقرين، وعضّ الزمان والحرب: شدّتهما، أو هما بالظاء ، وعضّ الإنسان بالضاد . ۲ وفي بعض النسخ: «عظّته». قال في القاموس: «عظّته الحرب كعضّته، وفلاناً بالأرض : ألزقه بها» . ۳ (شغله البلاء) أي المحنة والحزن على ما فات.
(وفي نسخة: «جهده البكاء») أي ثقل عليه وأتعبه وأوقعه في المشقّة؛ لأنّ الفقير الطالب للدنيا المتعلّق قلبه بها إذا فاتته يبكي على فواتها كبكاء الثكلى على أولادها.قال الجوهري: «الجهد: المشقّة. يقال: جهد دابّته وأجهدها ، إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها» . ۴
(وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع) أي كشف مساويه عدم الصبر والاضطراب الدالّ على خفّته وسفاهته.
(وإن أجهده الجوع قعد به الضعف) أي منعه من الحركات والأفعال اللائقة به.قيل: الغرض منه بعد إظهار عجزه وضعفه ترغيبه في رفع الجزاء برفع الشرط وتناول الغذاء على قدر ما يحتاج إليه في البقاء لأرفع الجزاء مع وجود الشرط كما في النصائح السابقة . ۵
(وإن أفرط في الشِّبَع) بأن جاوز حدّه (كظّته البِطنة)؛ أي كربته وجهدته حتّى عجز عن تحمّله وتحليله.

1.العلق(۹۶) : ۶ و۷ .

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۳۷ (عضض) .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۹۶ (عظظ) .

4.الصحاح، ج ۲، ص ۴۶۰ (جهد).

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۲ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
254

عن أمر الآخرة، وأمّا خوفه من عقاب اللّه والحذر من موجباته، فهو كماله وقوّته.وقيل: معنى قوله: «شغله الحذر» : شغله شدّة الخوف عن العمل لرفع ما يخاف منه، فينجرّ إلى اليأس، أو المراد شغله عن الحذر. ۱ انتهى ؛ فتأمّل.وفي تحف العقول: «شغله الحزن». ۲
(وإن اتّسع له الأمن) في النفس والمال والجاه (استلبته الغرّة) ۳ بتقديم المعجمة، أي الاغترار والغفلة ؛ يقال: اغترّ، أي غفل . واغترّ بالشيء، أي خُدع به، والاسم: الغِرّة بالكسر.والاستلاب: الاختلاس، يعني أوقعته الغرّة الشيطانيّة في موارد الشهوة النفسانيّة، والانخداع بلذّات الدنيا.
(وفي نسخة: «أخذته العزّة») بتقديم المهملة، أي الغلبة والقوّة والتكبّر .قال في القاموس: «عزّه كمدّه: غلبه في المعازّة ، والاسم: العزّة بالكسر» . ۴ وفيه إيماء إلى قوله تعالى: «أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْاءِثْمِ»۵ ؛ قال البيضاوي : «أي حملته الأنفة وحميّة الجاهليّة على الإثم الذي يؤمر بإتقانه لجاجا ، من قولك: أخذته بكذا، إذا حملته عليه، وألزمته إيّاه ». ۶ (وإن جُدّدت له نعمة أخذته العزّة) .
في بعض النسخ بتقديم المهملة على المعجمة، وفي بعضها بالعكس، وعلى الأوّل المراد العزّة في نفسه، وهي العُجب، أو على الغير وهي الكبر.(وإن أفاد مالاً) .
يقال : أفاده، أي استفاده ، أو أعطاه ضدّ، والمراد هنا الأوّل.(أطغاه الغِنى) .
قال الجوهري: «طغا يطغى ويطغو طغياناً، أي جاوز الحدّ، وكلّ مجاوز حدّه في العصيان طاغ . وأطغاه المال، أي جعلوا طاغياً» . ۷

1.تحف العقول ، ص ۹۵ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۴۷ .

3.هكذا في النسخة وشرح المازندراني ومرآة العقول . وفي كلتا الطبعتين والوافي : «العزّة» بتقديم العين المهملة .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۸۲ (عزز) .

5.البقرة(۲) : ۲۰۶ .

6.تفسير البيضاوي ، ج ۱ ، ص ۴۹۱ .

7.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۱۲ (طغا) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112670
صفحه از 630
پرینت  ارسال به