يعني أنّ الغنى جعله عاصياً بالعجب والتكبّر والتفاخر، قال اللّه تعالى: «كَلّا إِنَّ الْاءِنْسَانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى»۱ ، أي رأى نفسه مستغنياً.(وإن عَضَّته فاقة) أي أوجعته فقر وحاجة . فيه مكنيّة وتخييليّة .
قال الفيروزآبادي:عضضته وعليه ـ كسمع ومنع ـ عضّاً وعَضيضاً : أمسكته بأسناني ، أو بلساني ، وبصاحبي عضيضاً: لزمته . والعضيض: العضّ الشديد ، والقرين، وعضّ الزمان والحرب: شدّتهما، أو هما بالظاء ، وعضّ الإنسان بالضاد . ۲ وفي بعض النسخ: «عظّته». قال في القاموس: «عظّته الحرب كعضّته، وفلاناً بالأرض : ألزقه بها» . ۳ (شغله البلاء) أي المحنة والحزن على ما فات.
(وفي نسخة: «جهده البكاء») أي ثقل عليه وأتعبه وأوقعه في المشقّة؛ لأنّ الفقير الطالب للدنيا المتعلّق قلبه بها إذا فاتته يبكي على فواتها كبكاء الثكلى على أولادها.قال الجوهري: «الجهد: المشقّة. يقال: جهد دابّته وأجهدها ، إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها» . ۴
(وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع) أي كشف مساويه عدم الصبر والاضطراب الدالّ على خفّته وسفاهته.
(وإن أجهده الجوع قعد به الضعف) أي منعه من الحركات والأفعال اللائقة به.قيل: الغرض منه بعد إظهار عجزه وضعفه ترغيبه في رفع الجزاء برفع الشرط وتناول الغذاء على قدر ما يحتاج إليه في البقاء لأرفع الجزاء مع وجود الشرط كما في النصائح السابقة . ۵
(وإن أفرط في الشِّبَع) بأن جاوز حدّه (كظّته البِطنة)؛ أي كربته وجهدته حتّى عجز عن تحمّله وتحليله.
1.العلق(۹۶) : ۶ و۷ .
2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۳۷ (عضض) .
3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۹۶ (عظظ) .
4.الصحاح، ج ۲، ص ۴۶۰ (جهد).
5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۲ .