261
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(أيّها الناس ، لو أنّ الموت يُشترى لاشتراه من أهل الدنيا الكريمُ الأبلج واللئيم المَلهوج) .في القاموس: «شراه يشريه : ملكه بالبيع وباعه، كاشترى فيهما ضدّ» . ۱ وقال الجوهري:
البُلوج: الإشراق. يقال: بلج يَبلج بالضمّ، أي أضاء، وتبلّج فلان إذا ضحك وهشّ ، وصبح أبلج بيّن البَلَج، أي مُشرق مُضي?، والبُلجة: نقاوة ما بين الحاجبين. يقال: رجل أبلج بيّن البلج ، إذا لم يكن مقروناً .وفي حديث اُمّ معبد في صفة النبي صلى الله عليه و آله : «أبلج الوجه»، أي مُشرقه، ولم تُرد بلج الحاجب؛ لأنّها تصفه بالقرن ۲ . انتهى.وقوله عليه السلام : «الملهوج» كمنصور، اسم مفعول من اللهج بتقدير حرف الجرّ، أي الملهوج به.
قال الجوهري: «اللَهَج بالشيء: الولوع به، وقد لهج به ـ بالكسر ـ يلهج لهجاً، إذا أغرى به فثابر عليه» ۳ .أي واظب وداوم . فيحتمل كونه بضمّ الميم وفتح اللام والواو وسكون الهاء. قال الجوهري : «هوج الرجل أمره لهوجة، وهو أن لا يبرمه، وشواء ملهوج إذا لم يُنضج» ۴ .والظاهر المراد بالملهوج هنا الحريص الوَلوع بالدنيا.
وقال بعض العلماء:الكريم الأبلج : هو الذي اشتهر كرمه وظهر . والمَلهوج هو الحريص، مفعول بمعنى الفاعل كمسعود، ووجه اشترائهما الموت رضاهما به؛ لأنّ الكريم إذا اشتهر توجّه الناس إليه بما عجز عن قدر اشتهاره، وخجل من المنسوب إليه فرضي بالموت. وأمّا الحريص، فلأنّه لم يبلغ ما حرص عليه، فلا يزال يُتعب نفسه ويزيد حرصه، فيتمنّى بذلك الموت . ۵ وقيل: قد رغّب في توقّع الموت، ورجّحه على هذه الحياة بالنسبة إلى كلّ أحد؛ إمّا بالنسبة إلى الكريم، فلتخلّصه من آلام الدنيا ووصوله إلى نعيم الأبد، وإمّا بالنسبة إلى اللئيم

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۴۷ (شري) .

2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۰۰ (بلج) مع التلخيص واختلاف يسير .

3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۳۹ (لهج) .

4.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۴۰ (لهج) .

5.الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۳۰ (مع اختلاف يسير) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
260

وفي القاموس: «العقل: العلم، أو بصفات الأشياء من حسنها وقبحها وكمالها ونقصانها، عقل يعقل عقلاً ومعقولاً» ۱ انتهى .وأقول : انتفاء العقل أو كماله أو آثاره الدالّة عليه من مجالس الجاهل بلا ضرورة داعية إليه ظاهر ؛ فإنّ الجاهل منتهى غرضه التصرّف في أحوال الدنيا وكيفيّة تحصيلها والتمتّع بها والتكلّم بالفضول، والعالم على عكس ذلك ، فبينهما تضادّ ، والمتضادّان لا يجتمعان في محلّ واحد، وأيضاً المجالسة تقتضي المكالمة، والجاهل لا يقدر أن يتكلّم في المعقولات، والعالم يقدر أن يتكلّم في أبواب الجهالات، فلا محالة يجري مجراه، وذلك يطفئ نور حكمته، ويفسد أمر دنياه وآخرته.وكأنّه عليه السلام أشار إلى هذا المعنى بقوله: (من جالس الجاهل فليستعدّ لقيل وقال) أي للتكلّم بفضول الكلام ، وما يضيع أوقاته.
قال الفيروزآبادي: «القول في الخير ، والقال والقيل والقالة في الشرّ . أو القول مصدر، والقيل والقال اسمان . والقال الابتداء ، والقيل ـ بالكسر ـ الجواب» ۲ انتهى.وقيل: هما من قولهم: قيل كذا وقال كذا، وبناؤهما على أنّهما فعلان ماضويان متضمّنان للضمير والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء خلوّين من الضمير، وإدخال حرف التعريف عليهما في قوله: «القيل والقال».وبالجملة أمر عليه السلام بالاستعداد لفضول الكلام وإكثاره مبتدئاً ومجيباً وحكاية أقوال الناس، والبحث عمّا لا يجدي [نفعا] ، بل يوجب ضياع العمر وجهد الكتبة وسواد القلب وصعوبة الحساب في الآخرة . ۳ (لن ينجو من الموت غنيّ بماله، ولا فقير لإقلاله) .
الإقلال: قلّة الجِدة ، والفقر ، ورجل مقلّ، أي فقير ؛ أي ورود الموت على الغني والفقير ضروري لا يقدر أن يدفعه الغني بماله ولا الفقير بفقره، وطلب الترحّم منه.وفيه حثّ على ذكر الموت وانتظاره والاستعداد لما بعده.

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۸ (عقل) .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۲ (قول) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112653
صفحه از 630
پرینت  ارسال به