263
البضاعة المزجاة المجلد الأول

إلى مسالك المحقّين ومذاهب المقرّبين التي يُعبّر عنها بالصراط المستقيم.(وفطنة الفهم للمواعظ ما يدعو النفس إلى الحذر من الخطر) ۱ .الظاهر أنّ «فطنة الفهم» مبتدأ، و«ما يدعو» خبره، وكلمة «ما» موصولة . أو الجملة معطوفة على معمولي «إنّ» ، أي إنّ فطنة الفهم للمواعظ التي تدعو النفس إلى الحذر عن مخاطرات الآخرة ، لا مجرّد الفهم الخالي عن العمل.ويحتمل أن تكون «فطنة الفهم» معطوفاً على «شواهد»، وكلمة «ما» مصدريّة ظرفيّة، أي ما دام يدعو النفس إلى الحذر.
والفِطنة بالكسر: الحذق . والفهم: العلم ومعرفة الشيء بالقلب .هذا بحسب اللغة، وأمّا في العرف فيطلقان على جودة تهيّؤ الذهن لقبول ما يرد عليه من العلوم والمعارف، فالاضافة على الأوّل لاميّة، وعلى الثاني بيانيّة .ولو اُريد بالفطنة المعنى العرفي، وبالفهم المعنى اللغوي، أو بالعكس، أو قرئ الفَهِم ـ بكسر الهاء ـ كانت الاضافة لاميّة أيضاً، واللام في قوله : «للمواعظ» للفهم.والموعظة: تذكير ما يليّن القلب من النوائب والعقاب.
وقيل: كلّ كلام مشتمل على الأمر بالخيرات والزجر عن المنهيّات. ۲ والخطر بتقديم المعجمة والتحريك: الإشراف على الهلاك، وبالتسكين وتقديم المهملة: الحَجر والتحريم.
وفي القاموس: «الحذر بالكسر وتحرّك: الاحتراز». ۳ (وللقلوب خواطر ۴ للهوى) .
قال الفيروزآبادي: «الخاطر: الهاجس ، الجمع: خواطر» ۵ . وقال: «هجس الشيء في صدره يَهجس: خطر بباله» . ۶

1.في الحاشية: «أي فطنة الذهن وفهمه للمواعظ القرآنيّة والنبويّة ما يدعو النفس إلى الاحتراز عن المخاطرات الداعية إلى الخروج عن منهج السداد والنفور عن سبيل الرشاد . وفيه توبيخ لمن ترك مقتضى فهمه ، وسلك سبيل البغي والفساد. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۶ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۵ .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۶ (حذر) .

4.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : «خاطر» .

5.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۲ (خطر) مع اختلاف يسير .

6.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۵۸ (هجس) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
262

الحريص في الدنيا، فلتخلّصه منها وممّا يوجب زيادة العقوبة في الآخرة، وحمل الاشتراء على معنى البيع باعتبار أنّ الكريم يحبّ البقاء للطاعات، واللئيم يحبّ الدنيا بعيدا جدّاً؛ لأنّ المقام يقتضي حبّ الموت والترغيب فيه . ۱ وقال بعض الأعلام :
يمكن أن يوجّه هذا الكلام بوجوه:الأوّل : أن يكون المراد أنّه لو كان الموت ممّا يمكن أن يشترى ، لاشتراه الكريم لشدّة حرصه في الكرم وقلّة بضاعته ، كما هو الغالب في أصحاب الكرم، فلا يجد ما يجود به، وهو محزون دائماً لذلك، ويتمنّى الموت ويشتريه إن وجده.واللئيم يشتريه؛ لأنّه لا يحصل له ما هو مقتضى حرصه، ويرى الناس في نعمة، فيحسدهم عليها، فهو في شدّة لازمة لا ينفكّ عنها بدون الموت، فيتمنّاه.الثاني : أن يكون المراد أنّه يشتريه الكريم لنفسه ؛ ليتخلّص منه البائع واللئيم؛ لأنّه حريص على جمع جميع الأشياء حتّى الموت.
الثالث : أن يقال: إنّه يشتري الكريم لرفع الموت من بين الخلق، واللئيم ليميت جميعهم ويستبدّ بأموالهم . ۲ (أيّها الناس، إنّ للقلوب شواهدَ تُجري الأنفس عن مَدرجَة أهل التفريط) .
لعلّ المراد بالشواهد الأعلام والأدلّة الدالّة على طريق الوسط والعدل من النقل والعقل.وقوله: «تجري» إمّا على صيغة المعلوم من باب الإفعال، والمستتر فيه راجع إلى الشواهد، والأنفس مفعوله ؛ أو على صيغة المجرّد المعلوم، والأنفس فاعله بتقدير العائد الموصوف، أي تجري الأنفس بها ، و«عن» للبعد والمجاوزة .قال الجوهري : «المَدرجة: المسلك» ۳ ؛ يعني أنّ للقلوب شواهد ممّا يفيض عليها من أنوار حكمته تعالى، أو ممّا جُبلت عليه من معرفة الحقّ وسائر البديهيّات من الوجدانيّات والمشاهدات التي هي اُصول اكتساب النظريّات وموادّها ، تُجري تلك الشواهد الأنفس وتسوقها مجاوزة بها ومبعدة إيّاها عن مسلك أهل التفريط والتقصير في اتّباع الحقّ وأهله

1.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۵ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۴۸ و۴۹ .

3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۱۴ (درج) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112601
صفحه از 630
پرینت  ارسال به