لنفسك ملاحظة ما تكرهه لغيرك، والتأمّل فيه.(وعليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه) أي تفعل به ويتأمّل معه مثل ما تتوقّع منه لنفسك، أو المراد أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك.وحقوق المؤمن كثيرة منها إشباع جوعته ، ومواراة عورته ، وتفريج كربته ، وقضاء حاجته ، والسؤال عن حاله عند رؤيته ، والزيارة والدعاء له في غيبته ، والاجتهاد والرغبة في خدمته ، والخلافة في أهله وولده بعد موته ، والإتيان بمرضاته في جميع الأحوال ، والإعانة له بالنفس واللسان والمال ، وغير ذلك .(لقد خاطر من استغنى برأيه) .
قال الجوهري: «الخطر: الإشراف على الهلاك، [يقال :] خاطر بنفسه» . ۱ وفي القاموس: «خاطر بنفسه: أشفاها على خطر هُلك، أو نيل ملك» . ۲
وقال في النهاية: «المحدّثون يسمّون أصحاب القياس أصحاب الرأي، يعني أنّهم يأخذون بآرائهم فيما يشكل من الحديث، أو ما لم يأت فيه حديث والأثر» ۳ انتهى.وفي الأخبار الآخر: «خاطر بنفسه»، وهو المراد هنا . أي من استبدّ برأيه في اُمور الدين والدنيا ، ألقى نفسه في الهلكة.
قال بعض الأفاضل:فيه ردّ على من جوّز استعمال الرأي في باب المعارف والأسرار والأحكام ونصب الإمام، فما ذهب إليه بعض الصوفيّة ومنهم الغزالي في كتاب الكيمياء من أنّه يجوز انكشاف العلوم والبلوغ إلى مرتبة النبوّة بالرياضة والمجاهدة بلا توسّط نبيّ، وأنّ الفرق بينه وبين النبيّ أنّ النبيّ مأمور بالتبليغ دونه؛ لأنّ النبيّ مثلنا في الإنسانيّة ، كما قال: «أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ»۴ ، وأنّ العلم بالمحسوسات حجاب بين العبد والربّ باطل؛ لدلالة الروايات الصحيحة على بطلانه، ولأنّ هذا الرجل ينبغي أن يكون نبيّاً صاحب الوحي أمر بالتبليغ أوّلاً، والعلم بالمحسوسات والانتقال منها إلى الصانع وما له من الحكمة والقدرة ـ على ما قرّره الشرع ـ ليس بحجاب، كيف وقد حثّ عليه ـ جلّ شأنه ـ في
1.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۴۸ (خطر) .
2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۲ (خطر) .
3.النهاية ، ج ۲ ، ص ۱۷۹ (رأى) .
4.الكهف (۱۸) : ۱۱۰ ؛ فصّلت (۴۱) : ۶ .