269
البضاعة المزجاة المجلد الأول

كالمعاملات والمشاركات ونحوها ؛ فإنّ الجوهر الشريف والطبع اللطيف لا يختلف أعماله، ولا يتبدّل أحواله بتبدّل الأوضاع، بل يكون ثابتاً على ما كان عليه من الطريقة المحمودة ، وإن اشتدّ عليه الدهر وغلبه وأخذ ماله وانعكس حاله . ۱ (والأيّام توضح لك السرائر الكامنة) .
قال في القاموس: «كمن له ـ كنصر وسمع ـ كموناً: استخفى» . ۲ وقال بعض الفضلاء:
قد شاع عند الفصحاء والبلغاء نسبة ذلك إلى الزمان تجوّزا باعتبار أنّ الزمان من الأسباب المعدّة لظهور الأسرار المستورة التي في علم اللّه تعالى من خير وشرّ، ولذلك قيل: الاُمور مرهونة بأوقاتها . وقد يتفاوت الأزمنة في الأعداد لقبولها ، ففي بعضها يكون الشرّ أكثر سيّما زمان ضعف الشريعة التي هي سبب نظام العالم والحياة الأبديّة.وفي بعضها يكون الخير أكثر، وهو الزمان الذي تكون أحوال الخلق منتظمة فيه خصوصاً زمان قوّة الشريعة.
ولعلّ فيه إيماء إلى ما وقع من أمر الخلافة ، وانقلاب أحوال الصحابة ، وسلطنة بني اُميّة وبني عبّاس ، وتغيير قوانين الشرع ، وشيوع الجور والظلم على أهله ، وترجيح المسي?على المحسن ، والدنيّ على الشريف ، والجائر على العادل، أو الأعمّ منها ومن نوائب الدهر . وفيه ترغيب للمؤمنين في الصبر عليها والرضا بالقضاء . ۳ (وليس في البرق الخاطف مُستمتَع لمن يخوض في الظلمة) .
قال الجوهري: «الخَطْف: الاستلاب ، وبرق خاطف لنور الأبصار». ۴ وقال الفيروزآبادي: «أمتع عنه: استغنى، وبماله: تمتّع ، كاستمتع». ۵ وقال: «خاض الماء يخوضه خوضاً: دخله». ۶
أقول : الظاهر أنّ «مستمتع» هنا على صيغة اسم المفعول بمعنى المكان والمصدر،وأن يكون هذا الكلام كالاقتباس من قوله تعالى في بيان حال المنافقين بضرب المثل:

1.وقال المحقّق المازندراني رحمه الله : «فيه ترغيب في البقاء على الطاعات ، والصبر على المصيبات» .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۶۳ (كمن) .

3.شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۹ .

4.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۳۵۲ (خطف) مع التلخيص .

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۸۳ (متع) .

6.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۳۰ (خوض) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
268

(ومن حصر ۱ شَهوته) .في بعض النسخ: «حصن شهوته».
(فقد صان قدرَه) .قال في القاموس: «الحَصر ، كالضرب والنصر : التضييق، والحبس عن السفر وغيره كالإحصار، وللبعير: شدّه بالحصار». ۲ وقال: «حصُن ككرم: منع، فهو حَصين وأحصنه وحصّنه». ۳
(ومن أمسك لسانه أمنه قومُه، ونال حاجته) .قال في القاموس:
الأمن والآمن ـ كصاحب ـ ضدّ الخوف . أمن ـ كفرح ـ أمناً وأماناً والأمانة والأمنة: ضدّ الخيانة، وقد أمنه ـ كسمع ـ وأمّنه تأميناً وائتمنه واستأمنه . ۴ وفيه: «القوم: الجماعة من الرجال والنساء معاً، أو الرجال خاصّة، وتدخل النساء على التبعيّة» ۵ انتهى .ولعلّ المراد أنّ إمساك اللسان عن الشتم والسبّ ونحوهما يقتضي بالخاصّيّة نيل الحاجة من العشيرة وغيرهم، أو من اللّه أيضاً، وأن يكون قومه منه في أمن، أو جعله قومه آمناً من سرّهم، أو أميناً موثوقاً به، وهاتان من فوائد الدنيا، وأمّا فوائد الآخرة فكثيرة .(وفي تقلّب الأحوال علمُ جواهر الرجال) .
قال في القاموس: «الجَوهر: كلّ حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، ومن الشيء: ما وُضعت عليه جبلّته» . ۶ أقول : المراد هنا المعنى الثاني، أي يعلم جواهر الرجال وطبائعهم وجبلّتهم، وكونها محمودة أو مذمومة، كريمة أو لئيمة، بتقلّب أحوالهم الذاتيّة والفقر والغنى مثلاً، أو الإضافيّة

1.في الحاشية: «الحصار، ككتاب وسحاب: وساد يُرفع مؤخّرها، ويُحشى مقدّمها، كالرحل يلقى على البعير ، ويركب كالمحصرة ، أو هي قتب صغير ، وبعير محصور : عليه ذلك. القاموس». القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۰ (حصر) .

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹ (حصر) .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۱۴ (حصن) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۹۷ (أمن) مع التلخيص .

5.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۶۸ (قوم) مع التلخيص واختلاف يسير .

6.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۹۵ (جهر) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112539
صفحه از 630
پرینت  ارسال به