271
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وقال الجوهري: «الهيبة: المهابة، وهي الإجلال والمخافة، وقد هابه يهابه» . ۱ والمراد بالحكمة ما يعمّ النظريّة والعمليّة على نهج القوانين الشرعيّة، وبعبارة اُخرى هي خروج النفس إلى كمالها الممكن لها في جانبي العلم والعمل.(وأشرف الغنى ترك المُنى) ۲ .قال في القاموس: «الغنى ـ كإلى ـ ضدّ الفقر، وإذا فتح مُدّ» . ۳
وقال في المصباح: «مَنَى اللّه الشيء من باب رمى: قدّره، والاسم: المَنى ـ كعصى ـ تمنّيت كذا». ۴ قيل: مأخوذ من المَنْي، وهو القدر؛ لأنّ صاحبه يقدّر حصوله، والاسم: المُنية والاُمنيّة، وجمع الاُولى: مُنى، مثل غُرفة وغُرَف، وجمع الثانية: الأمانيّ . ۵ وفي بعض النسخ المصحّحة: «أترف» بدل «أشرف»، وهو اسم التفضيل من التُرفَة، وهي بالضمّ: النعمة ، والطعام الطيّب ، والشيء الظريف، تخصّ به صاحبك . وتَرِف ، كفرح: تنعّم.(والصبر جُنّة من الفاقة) .
قال الجوهري: «الجُنّة بالضمّ: ما استترت به من سلاح، والجنّة: السُترة». ۶ والمراد بالصبر الصبر على الفاقة والحاجة، أو مطلقاً.
وقيل: فيه استعارة حسّيّة كالفقرة الاُولى مرغّبة في ترك المنى والصبر ، حيث شبّه الصبر بالجنّة، ووجه التشبيه أنّ بالصبر يأمن من أصابه سهام الفاقة وثوران الاحتياج إلى ارتكاب المحرّمات المورثة للهلاك والدخول في النار، كما يأمن لابس الجنّة من أذى الضرب والجرح الموجب للهلاك . ۷ (والحرص علامة الفقر) يعني فقر القلب.
وقيل: إنّه علامة الفقر في الآخرة ؛ لشغله عنها بالدنيا، أو في الدنيا أيضاً؛ لأنّ الحريص

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۳۹ (هيب) .

2.في الحاشية: «فيه استعارة حسّيّة مرغبة في ترك المنى حيث شبّهه بالغنى ، وجعله أشرف أفراده باعتبار أنّه يوجب النفع والراحة والنجاة من التعب والهلاك في الدنيا والآخرة. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۳۰ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۷۱ (غنو) .

4.المصباح المنير ، ص ۵۸۲ (منا) مع اختلاف يسير.

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۳۰ .

6.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۹۴ (جنن) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
270

«أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ» إلى قوله: «إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» . ۱ ففيه تعريض على أهل النفاق والشقاق ، وتنفير عن الشكّ والارتياب، وترغيب على لزوم الإخلاص وتطهير القلب عن التردّد والاضطراب.وقيل: هذا الكلام بيان لما قبله، وما قبله لما قبله، يعني لابدّ من مضيّ أيّام ومهلة حتّى توضح السرائر وتعلم الجواهر. ۲ وقيل: هذا تمثيل متضمّن لتشبيه زهرات الدنيا وزينتها وأسبابها الطالعة من مطالعها في سرعة زوالها، وعدم الانتفاع بها، واستعقابها ظلمة شديدة بالبرق الخاطف بالنسبة إلى من يخوض في الليل المظلم، والغرض منه التنفير عنها وعن الركون إليها، وصرف الفكر في تحصيلها ، والحثّ على الآخرة والأعمال الصالحة. ۳ وقال بعض الأعلام:
لعلّ المراد أنّه لا ينفعك ما يقرع سمعك من العلوم النادرة كالبرق الخاطف، بل ينبغيأن تواظب على سماع المواعظ، وتستضي?دائماً بأنوار الحكم لتخرجك من ظلم الجهالات.
قال: ويحتمل أن يكون المراد: لا ينفع سماع العلم مع الانغماس في ظلمة المعاصي والذنوب . ۴ (ومن عُرف بالحكمة لحظته العيونُ بالوقار والهَيبة) ۵ .قال في القاموس: «لحظه ـ كمنعه ـ وإليه لَحظاً: نظر بمؤخّر عينيه، وهو أشدّ التفاتاً من الشزر» . ۶ وفيه: «الوقار كسحاب: الرزانة». ۷

1.البقرة(۲) : ۱۹ و۲۰ .

2.قاله المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۳۰ و۳۱ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۹ .

4.مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۵۰ .

5.في الحاشية : «يعني المعروف بالحكمة النظريّة والعمليّة، وهي العلم بالقوانين الشرعيّة والعمل بها ، نظرت إليه العيون بالوقار والهيبة منه ؛ لعظمته وهيبته. وفيه ترغيب في تحصيل الحكمة لما فيها من المنافع الدنيويّة ، وأمّا المنافع الاُخرويّة فظاهرة. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۳۰ .

6.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۹۸ (لحظ) .

7.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۵۶ (وقر) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112540
صفحه از 630
پرینت  ارسال به