275
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وفي القاموس: «الخُلق ، بالضمّ وضمّتين : الطبع ، والمروّة ، والدين». ۱ وفيه تنفير عن سوء الخلق، وترغيب في تصفية النفس منه ومن الاُمور المؤدّية إليه بذكر بعض مفاسده الدنيويّة من ملالة أهله منه ونفرتهم عنه ، فكيف غيرهم.(ومن نال استطال) .
لعلّ المراد: من نال متمنّاه ، وأصاب ملكاً أو مالاً أو علماً أو غيرها من أسباب الشرف يلزمه غالباً الفخر والاستطالة، فحذف المفعول للتعميم .أو المراد أنّ الجود والكرم يوجبان الفخر والمنّ والاستطالة.
وبعض الشارحين خصّصه بنيل الدنيا، وقال: «أي نال الدنيا، وكثر حطامها لديه ، استطال على الغير ، وطلب العلوّ والترفّع عليه» ۲ وأنت خبير بأنّه لا وجه للتخصيص.(وقلّ ما تصدقك الاُمنيّة) .
الظاهر أن يكون تصدق من المجرّد. يقال: صدقني فلان ـ كنصر ـ إذا قال: لك الصدق، وكان صادقاً في خبره أو في وعده؛ قال اللّه تعالى: «لَقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا»۳ ، أي أكثر ما تكون اُمنيّتك كاذبة فيما تعدك ، فكأنّها تخبرك أو تعدك بحصولها وهي كاذبة غالباً، ففيه حثّ بتكذيبها وعدم الالتفات إليها.وقيل: يحتمل أن يكون من التصديق بناء على أنّ في نفسك حصولها، وهي لا تحصل غالباً فلا تصدقك . ۴ (والتواضع يَكسوك المَهابة) .
قيل: أي خوفك من اللّه لعظمته، أو خوف الناس منك لشرفك وعظمتك، ولأنّك بالتواضع للّه ولأهله خائف من اللّه، ومن خاف اللّه خاف منه كلّ شيء. ۵ (وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق) .
قيل: أي الأرزاق الظاهرة للبدن والباطنة للنفس كالعلوم والمعارف.والمراد بسعة الأخلاق إظهارها لكلّ أحد، ووجودها في كلّ شخص، وهي سبب لزيادة

1.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۲۹ (خلق) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۳۲ .

3.الفتح (۴۸) : ۲۷ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۳۲ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
274

وقال في اليائي: «نلته أنيله وأناله نَيلاً: أصبته، وأنلته إيّاه وأنلت له». ۱ أقول: إن اُريد هنا المعنى الأوّل ، فالمستتر في «نال» للدهر، وإن اُريد المعنى الثاني فالمستتر فيه للموصول.وقال الجوهري: «السؤل: ما يسأله الإنسان، وقرئ : «أُوتِيتَ سُؤْلَكَ»۲ بالهمز وبغير الهمز» . ۳ قيل: المراد أنّه يجب شكر المنعم سواء كان هو اللّه سبحانه أو غيره . ۴ وهو كما ترى.وقيل: هو كناية عن قلّة نيل السؤل في الدهر وندرته ؛ لأنّه غير مترقّبة باعتبار تضييقه على المؤمن، لا لتحقيره وإذلاله، بل لتعظيمه وإجلاله؛ كيلا يشغل بالدنيا عن الآخرة . ۵ وقيل: يمكن أن يراد به دهره عليه السلام وما يشابهه في الشدّة والصعوبة، ونسبة الإيجاب وأمثاله إلى الدهر مجاز شايع عند العرب، وإلّا فالفاعل هو اللّه تعالى. ۶ (وقلّ ما يُنصفك اللسان من ۷ نشر قبيح أو إحسان) .
النَّصَفَة: الاسم من الإنصاف ، أو أنصف، أي عدل، يقال: أنصفه من نفسه.ولعلّ المراد أنّك إذا مدحت أمراً لا ينصفك اللسان ولا يعدل بك، بل يطري ويتجاوز عن حدّه، وإذا سخطت على أحد تذمّه أكثر ممّا هو فيه ، وأزيد ممّا يستحقّه، أو أنّه في مدح الناس وشكرهم يقصّر ويفرّط، وفي ذمّهم يتجاوز عن الحدّ ويُفرط.والحاصل أنّ قلّ ما يعدل بك اللسان، ويتّصف بالنصفة عند البيان في نشر القبيح والإحسان والمدح والذمّ، بل هو في الأكثر في حدّ التفريط والإفراط.وقيل : هذا في المعنى أمر بحفظه . ۸
(ومن ضاق خُلُقُه مَلّه أهله) .المَلالة: الضجر والسآمة ، وفعله من باب علم. يقال: ملّه وملّ منه .

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۶۲ (نيل) .

2.طه(۲۰) : ۳۶ .

3.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۲۳ (سأل) .

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۵۱ .

5.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۳۱ .

6.في الحاشية عن بعض النسخ: «في».

7.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۳۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112348
صفحه از 630
پرینت  ارسال به