277
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(وفي خلاف النفس رشدُك) .في القاموس: «رشد ـ كنصر وفرح ـ رُشداً ورَشَداً ورشاداً: اهتدى». ۱
(من عرف الأيّام لم يغفل عن الاستعداد) .قيل: أي من عرف صنعها بأهلها من قلب أحوالهم ، وخيبة آمالهم ، وابتلائهم بالموت والآلام ، وتأديبهم بالأمراض والأسقام ، وأخذهم بالعقوبة والانتقام ، مع مشاهدة سرعة فنائها وعدم بقائها، يردّ قلبه من حبّ الدنيا والميل إليها، ولم يغفل عن الاستعداد لأمر الآخرة وما يوجب المقام الرفيع فيها . ۲ (ألا وإنّ مع كلّ جُرعة شَرَقاً ، وإنّ في كلّ اُكلة غُصَصاً) .
قال الفيروزآبادي: «الجرعة ـ مثلّثة ـ من الماء: حسوة منه، أو بالضمّ والفتح: الاسم من جرع الماء ، كسمع ومنع: بلعه، وبالضمّ : ما اجترعت». ۳ وقال: «الأكلة بالفتح: المرّة والواحدة من الأكل، وبالضمّ: اللقمة والقُرصة والطعمة، [الجمع :] كصرد». ۴ وقال الجوهري: «الشَرَق أيضاً : الشجا والغصّة . وقد شرق بريقه، أي غصّ به». ۵
وفي القاموس: «الغصّة بالضمّ: الشجا ، والجمع: غُصص ، وما اعترض في الحلق فأشرق» . ۶ وفيه : «الشجا : ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه» . ۷
ولعلّ المراد هنا بالجرعة والأكلة أمتعة الدنيا وتمتّعاتها، وبالشرق والغُصص كدر عيشها وكونها مشوباً بالبلاء.وقيل: شبّه متاع الدنيا بالماء واللقمة؛ إذ عليهما مدار الحياة ، فتشابها ، وأثبت لهم الشرق والغصّة اللذين لا يساغ بهما الشارب والآكل، بل يفضيان إلى هلاكهما ، وأومأ إلى تحقّقهما في المشيّة أيضاً ؛ لتنفير النفس عن قبوله وطلبه وتسكين قلب من تركه.

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۹۴ (رشد) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۳۳ .

3.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۲ (جرع) .

4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۲۹ (أكل) .

5.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۰۱ (شرق) .

6.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۱۰ (غصص) .

7.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۴۷ (شجو) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
276

الرزق إمّا بالخاصّيّة ، أو باعتبار أنّها جاذبة للقلوب إلى التعاون والتناصر. ۱ (كم من عاكف على ذنبه في آخر أيّام عمره) .
فيه تحذير عن الإقامة على الذنوب في جميع أوقات العمر، أي ينبغي لكلّ أحد أن يكون محترزاً عن الذنوب في كلّ وقت ؛ لاحتمال أن يكون زمان ارتكاب الذنب آخر عمره .و«كم» خبريّة اُريد منها الكثرة للإشعار بفساد أكثر الناس وغفلتهم.
(ومن كساه الحياء ثوبه، خفي على الناس عيبه) ؛ لأنّ الحياء يمنع من صدور ما يعاب به، فخفاؤه باعتبار عدمه. أو المراد خفاء العيوب السابقة على الحياء.وقيل: الظاهر أنّ نسبة الثوب إلى الحياء مجاز عقلي . ۲
(وانحُ القصد من القول؛ فإنّ من تحرّى القصد خفّت عليه المُؤَن) .قال الجوهري: «النحو: القصد. يقال: نحوت نحوك، أي قصدت قصدك». ۳
وقال الفيروزآبادي: «القصد: استعانة الطريق ، والاعتماد ، وضدّ الإفراط كالاقتصاد ، والعدل» . ۴ وقال: «تحرّاه: تعمّده، وطلب ما هو أحرى بالاستعمال» . ۵
وقال: «المؤونة: القوت». ۶ وقال الجوهري:
المؤونة تُهمَز ولا تُهمَز، وهي فَعولة، قال الفرّاء: هي مَفعلة من الأون، وهي الخرج والعدل؛ لأنّه ثقل على الإنسان . وقال الخليل: لو كان مفعلة، لكان مَئينة مثل مَعيشة، وعند الأخفش يجوز أن تكون مَفعلة . ۷ انتهى.يعني: اقصد الوسط العدل من القول ، وجانب التعدّي والإفراط والتفريط ؛ ليخفّ عليك المُؤن؛ فإنّ من قال جوراً أو ادّعى أمراً باطلاً اشتدّ عليه الأمر لعدم إمكان إجرائه أو إثباته.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۳۲ .

2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۰۳ (نحو) .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۲۷ (قصد) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۱۶ (حري) .

5.القاموس المحيط ، ج ۳، ص۲۱۶ (مأن).

6.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۱۹۸ (مأن) مع اختلاف يسير .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112346
صفحه از 630
پرینت  ارسال به