317
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(فلبئس ما عليه وَرَدا) من غصب الخلافة وركوبها ، واعتقادها ضلالة وجهالة.(ولبئس ما لأنفسهما مَهّدا) من الوبال ، والنكال ، والعقوبات الاُخرويّة الدائمة.
في القاموس: «مَهَدَه ، كمنعه: بسطه، كمهّده، وكسب ، وعمل، وتمهيد الأرض : تسويته وإصلاحه». ۱ وقيل: في ذمّ العامّ دلالة على غاية فخامة ذلك ، ونهاية فظاعته ، بحيث لا يصل إليه عقول البشر ، ولا يحوم حوله طائر النظر . ۲ (يتلاعنان في دُورهما) .
الدور ـ بالضمّ ـ جمع الدار، وهي محلّ يجمع البناء والعرصة، والمراد هنا نار البرزخونار الخلد.
(ويتبرّأ كلّ واحد منهما من صاحبه يقول) كلّ منهما (لقرينه) الذي كان يضلّه ويغويه. قال الفيروزآبادي: «القرين: المقارن والمصاحب، والشيطان المقرون للإنسان الذي لا يفارقه» . ۳
(إذا التقيا : يا ليت بيني وبينك بُعد المشرقين) .قيل : أي بعد المشرق من المغرب، فغلب المشرق ، وثنّي كالعمرين، واُضيف البعد إليهما . ۴ وقيل: مشرق الصيف ومشرق الشتاء . ۵ والحاصل أنّه قال لقرينه: ليتني لم أعرفك في الدنيا، ولم أكن قرينك، وليت كانت بيني وبينك هذه المسافة من البُعد.
(فبئس القرين) أنت في النار. وقيل: بئس القرين كنت في الدنيا .وهذا إشارة إلى قوله تعالى: «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتّى إِذا جَائَنا قَالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ» . ۶

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۵۳ .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۳۹ (مهد) .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۵۹ (قرن) .

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في بحار الأنوار ، ج ۳ ، ص ۱۱۹ ؛ وج ۵۵ . ص ۱۷۴ . وراجع أيضا : تفسير مجمع البيان ، ج ۹ ، ص ۳۳۵ ؛ تفسير الثعلبي ، ج ۸ ، ص ۳۳۵ ؛ تفسير السمعاني ، ج ۵ ، ص ۳۲۶ .

5.الزخرف (۴۳): ۳۶ ـ ۳۸.


البضاعة المزجاة المجلد الأول
316

(ولئن تَقَمَّصَها) أي الخلافة المعلومة من السياق ، كقوله تعالى: «تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» . ۱ والتقمّص: لبس القميص ؛ أي جعلاها مشتملة عليهما كالقميص، وفيه مكنيّة وتخييليّة .(دوني الأشْقَيَان) أي الرجلان ، واللام دليل على قسم محذوف.
و«دون» بمعنى غير، كما قيل في قوله: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» . ۲ وقيل: بمعنى التجاوز ، في محلّ النصب على الحال، أي متجاوزين عنّي غير تابعين لي في الخلافة ۳ ، فتأمّل.والشقاء والشقاوة بالفتح: نقيض السعادة ، والشدّة والعسر، وفسّر الأشقى بالكافر.
واعلم أنّ ظاهر هذه الفقرات كون هذه الخطبة بعد انقراض دولة الثلاثة، وهو مناف لما مرّ في أوّل الخبر أنّه عليه السلام خطب بها بعد سبعة أيّام من وفاة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقيل: إنّه محمول على الإخبار بحالهم عمّا يكون ۴ . واللّه أعلم بحقيقة الحال.(ونازعاني فيما ليس لهما بحقّ) من اللّه ولا من رسوله صلى الله عليه و آله .
(وركباها ضلالة ، واعتقداها جهالة) .الضمير في الموضعين للخلافة، أي ظنّاها أنّها حقّ لهما، أو ملكاها واقتناها وتصلّبها فيها.
قال الجوهري: «اعتقد ضيعة ومالاً، أي اقتناها . واعتقد الشيء، أي اشتدّ وصلب، واعتقد كذا بقلبه» . ۵ وقيل: «ضلالة» و«جهالة» بالنصب على المفعول له، أو على التميز لنسبة الفعلين. ففيه على الأوّل تنبيه على أنّ ثمرة الفعلين هي الضلالة والخروج عن الدين، والجهالة في أحكامه وتبديلها وتغييرها.وعلى الثاني على أنّ المتحقّق من الفعلين فيهما هو هذا الفرد، أعني ركوب الضلالة والجهالة دون الآخر، أعني ركوب الحقّ والعلم. ۶

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۵۲ .

2.ص (۳۸) : ۳۲ .

3.رواه أبو سعيد الخدري عن الرسول صلى الله عليه و آله . راجع : عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۸۵ ؛ الناصريّات للشريف المرتضى ، ص ۲۷۷ ؛ الخلاف للطوسي ، ج ۲ ، ص ۷۵ .

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۶۲ .

5.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۱۰ (عقد) .

6.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۵۳ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 114840
صفحه از 630
پرینت  ارسال به