319
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وتسميته عليه السلام إيماناً لعدم تحقّقه إلّا بولايته.(والقرآن الذي إيّاه هَجَر) على صيغة المجهول، ظاهراً إشارة إلى قوله تعالى: «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً» . ۱ قال البيضاوي :
متروكاً ، وأعرضوا عنه، أو مجروراً، أو هجروا ولغوا فيه إذا سمعوه، أو زعموا أنّه هجر وأساطير الأوّلين، فيكون أصله مهجوراً عنه، فحذف الجارّ، ويجوز أن يكون بمعنى الهجر كالمجلود والمعقول . انتهى . ۲ وقيل: سمّي هجره عليه السلام هجر القرآن؛ لأنّه مترجم القرآن ولسانه، ولأنّ من هجره هجر القرآن ومقتضاه من الأمر بولايته . ۳ (والدين الذي به كذّب) كما في قوله تعالى: «أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ»۴ ، ولعلّه عليه السلام ديناً؛ لأنّ تمام الدين بولايته.(والصراط الذي عنه نَكب) على صيغة المجهول، إشارة إلى قوله تعالى: «وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْاخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ» . ۵ قال الجوهري : «نكب عن الطريق ينكب نُكوباً : عدل» . ۶
(ولئن رَتَعا في الحُطام المُنصرم) .الحطام ، بالضمّ : النبات اليابس المتكسّر . والانصرام : الانقطاع.
وقيل: استعار الحطام للمال ومتاع الدنيا، ووجه المشابهة قلّة الانتفاع وعدم البقاء وسرعة الزوال والفناء، ووصفه بالانصرام للمبالغة والتأكيد في عدم الاعتماد عليه، وتشبيه الرجلين بالبهائم مكنيّة ، وإثبات الرَّتع لهما تخييليّة ، وذكر الحطام ترشيح .(والغرور المُنقطِع) .
الغَرور ، بالفتح: الدنيا، سمّيت به لأنّها توجب غرّة أهلها وغفلتهم عن الآخرة . أو بالضمّ ، مصدر غرّه غرّاً وغُروراً وغرّة، أي خدعه ، وأطمعه بالباطل.

1.الفرقان (۲۵) : ۳۰ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۲۱۵ (مع اختلاف يسير) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۵۴ .

4.الماعون (۱۰۷) : ۱ .

5.المؤمنون (۲۳) : ۷۴ .

6.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۲۸ (نكب) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
318

(فيُجيبه الأشقى) يعني قرينه.(على رُثُوثة) أي حال كونه على قبح منظر ، وسوء حال ، وتغيّر هيئة بألم النار.
قال الفيروزآبادي: «الرثّ : البالي ، والرثاثة والرثوثة: البذاذة» ۱ ، وقال: «بذِذْتَ ـ كعلمت ـ بذاذة: سائت حالك» . ۲ (ليتني لم أتّخذك خليلاً) .
يفهم منه أنّ المراد بقوله تعالى : «فُلَاناً»۳ هذا الأشقى، وأنّه بعمومه شامل له أيضاً.(لقد أضللتني عن الذكر)؛ يعني أمير المؤمنين عليه السلام كما سيصرح به، أو القرآن، أو ذكر اللّه، أو موعظة الرسول صلى الله عليه و آله .
«بَعْدَ إِذْ جائَنِي» وتمكّنت منه ومن الاقتداء به.قيل: هذا كلامه عند اللقاء، وأمّا عند مفارقته وتألّمه بشدّة العقوبة وكمال غيظه عن صاحبه، فيقول ما ذكر اللّه في كتابه من باب الغيبة: «يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً»۴ الآيات، ۵ فتأمّل. «وَكَانَ الشَّيْطَانُ» ؛ يعني الخليل والقرين المضلّ. وقيل: أو إبليس؛ لأنّه حمله على مخالفته ومخالفة الرسول، أو كلّ من تشيطن من جنّ أو إنس. «لِلإِنْسَانِ خَذُولاً» ؛ فَعول من الخذلان، أي يُواليه حتّى يؤدّيه إلى الهلاك ، ثمّ يترك ولا ينفعه.(فأنا الذكر الذي عنه ضَلّ) بعد إذ جاءه (والسبيل الذي عنه مال).
وتمنّى الأخذ به حيث لا ينفعه التمنّى في قوله : «يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً» .(والإيمان الذي به كفر) .
كأنّه على البناء للمفعول، وإشارة إلى قوله تعالى: «وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْاءِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْاخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»۶ .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۶۷ (رثث) .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۵۱ (بذذ) .

3.الفرقان (۲۵) : ۲۸ .

4.الفرقان (۲۵) : ۲۷ .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۵۳ و۲۵۴ .

6.المائدة (۵) : ۵ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 114830
صفحه از 630
پرینت  ارسال به