وتسميته عليه السلام إيماناً لعدم تحقّقه إلّا بولايته.(والقرآن الذي إيّاه هَجَر) على صيغة المجهول، ظاهراً إشارة إلى قوله تعالى: «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً» . ۱ قال البيضاوي :
متروكاً ، وأعرضوا عنه، أو مجروراً، أو هجروا ولغوا فيه إذا سمعوه، أو زعموا أنّه هجر وأساطير الأوّلين، فيكون أصله مهجوراً عنه، فحذف الجارّ، ويجوز أن يكون بمعنى الهجر كالمجلود والمعقول . انتهى . ۲ وقيل: سمّي هجره عليه السلام هجر القرآن؛ لأنّه مترجم القرآن ولسانه، ولأنّ من هجره هجر القرآن ومقتضاه من الأمر بولايته . ۳ (والدين الذي به كذّب) كما في قوله تعالى: «أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ»۴ ، ولعلّه عليه السلام ديناً؛ لأنّ تمام الدين بولايته.(والصراط الذي عنه نَكب) على صيغة المجهول، إشارة إلى قوله تعالى: «وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْاخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ» . ۵ قال الجوهري : «نكب عن الطريق ينكب نُكوباً : عدل» . ۶
(ولئن رَتَعا في الحُطام المُنصرم) .الحطام ، بالضمّ : النبات اليابس المتكسّر . والانصرام : الانقطاع.
وقيل: استعار الحطام للمال ومتاع الدنيا، ووجه المشابهة قلّة الانتفاع وعدم البقاء وسرعة الزوال والفناء، ووصفه بالانصرام للمبالغة والتأكيد في عدم الاعتماد عليه، وتشبيه الرجلين بالبهائم مكنيّة ، وإثبات الرَّتع لهما تخييليّة ، وذكر الحطام ترشيح .(والغرور المُنقطِع) .
الغَرور ، بالفتح: الدنيا، سمّيت به لأنّها توجب غرّة أهلها وغفلتهم عن الآخرة . أو بالضمّ ، مصدر غرّه غرّاً وغُروراً وغرّة، أي خدعه ، وأطمعه بالباطل.
1.الفرقان (۲۵) : ۳۰ .
2.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۲۱۵ (مع اختلاف يسير) .
3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۵۴ .
4.الماعون (۱۰۷) : ۱ .
5.المؤمنون (۲۳) : ۷۴ .
6.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۲۸ (نكب) .