(وانتظموها ۱ ضلالة) .
ضمير التأنيث راجع إلى الجهالة .
وقال الفيروزآبادي: «نظم اللؤلوء ينظمه نظماً: ألّفه وجمعه في سلك، فانتظم، وانتظمه بالرمح: اختلّ» . ۲
وأقول: يفهم منه أن «ضلالة» تميزاً، أو مفعولاً له، أو الضمير مبهم يفسّره ما بعده، أي صادوا ضلالة .
[و] الانتظام لازم متعدّ. ولعلّ المعنى على الأوّل : انتظموا مع الجهالة في سلك من حيث الضلالة ، أو لأجلها . وعلى الثاني لعلّ المراد: انتظموا الجهالة بالضلالة، وخاطوها بها.
وفي بعض النسخ: «وانفطموا ضلالة»، وهو أظهر ۳ ؛ يقال: فطم الصبي، أي فصله عن الرضاع، فانفطم.
والظاهر أنّ نصب ضلالة حينئذ على التميز، ويحتمل الحذف والإيصال، أي انفطموا من الرضاع مع الضلالة أنّهم رضعوا مع الجهالة.
وبالجملة كانوا في صغرهم وكبرهم مع الجهالة والضلالة، وأنّ الضلالة والجهالة تمكّنتا فيهم حتّى كأنّهما صارتا غذاء لهم بحيث نبت عليه لحمهم، واشتدّ به عظمهم، أو أنّهم جَهَلَة وضُلّال في مفتتح اُمورهم ومختتمها .
والحاصل أنّ مبنى جميع اُمورهم على الجهالة والضلالة.
وقيل: أي انفطموا عن رضاع الجهالة من أجل غذاء الضلالة ، شبّه الضلالة بالطعام بعد الفطام، والمقصود بيان غمرتهم بالجهالة حتّى صار ذلك حاجباً لهم عن قبول الحقّ سابقاً، والرجوع عنه لاحقاً ۴ ، انتهى وهو كما ترى.
(فأخرجنا اللّه إليهم رحمة، وأطلعنا عليهم رأفة) .
الرأفة: أشدّ الرحمة، أو الرأفة ضدّ القسوة، والرحمة ضدّ الغضب، وتعرف الرأفة حينئذ
1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۸۱ (نظم) .
2.في الطبعة القديمة ومرآة العقول : «وانفطموها» . وفي الطبعة الجديدة وأكثر النسخ التي قوبلت فيها : «وانتظموا» .
3.كما ضبطه العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۶۵ .
4.قاله المحقّق المازندراني؛ في شرحه، ج ۱۱ ، ص ۲۵۸ و۲۵۹ .