عن الربّ وصفاته، وما ينتظم به أمر معاشهم ومعادهم . و«نوراً» وما عطف عليه منصوب على التميز، وهو في المعنى فاعل «أسفر» ، كما هو المقرّر في النحو، والمراد به أنّ القرآن أو الشريعة أو العلوم الحقّة؛ أي يبصر بنورها ذو العماية، ويرشد بهداها ذو الغواية.
والمراد بالفضل إمّا الإحسان بهداية القلوب بعد ما كانت غائصة في ظلمات الذنوب، أو العلم والفضيلة، وهي الدرجة الرفيعة في الفضل والكمال، أو النعمة الجسميّة ، ومنه الفواضل وهي الأيادي الجميلة.
والمراد بالتأييد التقوية ، والنصرة في الدين ، والإعانة في طلب اليقين ، من الأيد بمعنى القوّة .
وملخّص المعنى: واللّه يعلم أسفر الحقّ، أي أضاء وأشرق وكشف نوره وفضله وتأييده عن الحجب الظلمانيّة المذكورة بسبب وجودنا، فوجودنا سبب لوصول تلك النعماء الجسميّة من اللّه تعالى إليهم.
قال: ويمكن أن يكون «أسفر» باعتبار أنّه بمعنى أضاء متعدّياً، و«نوراً» مفعوله، والباء للسببيّة، كما مرّ، فإنّ «أضاء» قد يجيء للتعدية أيضاً. ۱
(فتبوّؤا العزّ بعد الذلّة) .
قال الجوهري: «المُباءة : منزل القوم في كلّ موضع، وتبوّأت منزلاً، أي نزلته، وبوّأت للرجل منزلاً، وبوّأته منزلاً بمعنى، أي هيّأته ومكّنت له فيه» ۲ انتهى.
أي نزلوا وسكنوا واستقرّوا في عزّ الدنيا والآخرة بالهداية ، بعد الذلّة بالغواية والقتل والغارة وأمثالها من أسباب المذلّة.
(والكثرة بعد القلّة) .
في القاموس: «الكثرة ، ويكسر : نقيض القلّة». ۳
وقيل في توجيه كثرتهم بعد قلّتهم:
اجتماعهم على دين واحد، حتّى كأنّهم صاروا شخصاً واحداً بخلاف أحوالهم سابقاً،
1.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۲۴ (كثر) .
2.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۵۹ .
3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۷ (بوأ) .