مضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ولم يستخلف أحداً، فلابدّ من خليفة لحفظ بيضة الإسلام، وكلّ واحد من الفريقين ادّعى أن يكون الخليفة منهم، وذكر لادّعائه مرغّبات، حتّى علت الأصوات واشتدّت المخاصمة، فبادر الثاني وبعض أهل النفاق إلى بيعة الأوّل ، ونذكره مفصّلاً إن شاء اللّه تعالى .
(فكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله الطيّب المبارك) .
هما صفتان لرسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وقوله: (أوّل مشهود عليه بالزور في الإسلام) خبر «كان»، وكون الثلاثة إخباراً له بعيد.
والمراد بشهادة الزور هنا شهادتهم بأنّه صلى الله عليه و آله مضى، ولم يستخلف أحداً.
قال الجوهري: «الطيّب: ضدّ الخبيث». ۱
وفي القاموس: «البركة ، محرّكة: النماء والزيادة والسعادة، وبارك على محمّد وآل محمّد: أدم له ما أعطيته من التشريف والكرامة». ۲
(وعن قليل يجدون غِبّ ما يعلمون) .
كلمة «عن» هنا بمعنى «بعد»، كما قيل في قوله تعالى: «عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ» . ۳
والغبّ ، بالكسر : عاقبة الشيء. وفيه وعيد بأنّهم يجدون جزاء أعمالهم عند الموت وبعده.
(وسيجد التالون) أي الذين يتلونهم، ويأتون على عقبهم، أو الذين يتّبعونهم.
(غبّ ما استنّه ۴ الأوّلون)، أي جعلوه سنّة، وأخذوا به.
وفي بعض النسخ: «أسّسه» من التأسيس، وهو بيان حدود الدار، ورفع قواعدها ، وبناء أصلها .
(ولئن كانوا في مَندوحة من المَهل) أي في سعة وإمهال من رفق اللّه تعالى بهم، أو من تأخيرهم. وقيل: أو من تقدّمهم في الدنيا وخيراتها. ۵
قال الفيروزآبادي: «المَهل ـ ويحرّك ـ والمُهلة بالضمّ: السكينة والرفق، ومهّله تمهيلاً:
1.المؤمنون (۲۳) : ۴۰ .
2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۷۳ (طيب) .
3.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۹۳ (برك) .
4.في كلتا الطبعتين والمتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : «أسّسه» .
5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۶۴ .