347
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وقال الجوهري: «حصبت الرجل أحصبه ـ بالكسر ـ أي رميته بالحصباء، والحاصب: الريح الشديدة التي تُثير الحصباء» . ۱
(ومنهم من أخذته الصيحة) كأهل مدين وثمود.
قال الجوهري: «الصياح: الصوت، تقول: صاح يَصيح صَيحاً وصَيحة وصياحاً، والصيحة: العذاب، وأصله من الأوّل» . ۲
(ومنهم من أحرقته الظُّلّة) .
قال اللّه عزّ وجلّ: «كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبُ أَلَا تَتَّقُونَ» إلى قوله تعالى: «فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابَ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» . ۳
قال البيضاوي: «بأن سلّط اللّه عليهم البحر سبعة أيّام حتّى غلت أنهارهم وأظلّتهم سحابة ، فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا» . ۴
وفي بعض النسخ: «الظلمة» بدل «الظلّة». ولعلّ المراد بها ظلمة الظلّة، وإسناد الإحراق إليها مجاز كالاُولى .
(ومنهم من أودته الرَّجفة) .
قال اللّه ـ عزّ وجلّ ـ في ثمود ـ قوم صالح ـ وأصحاب مدين ـ قوم شعيب ـ : «فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ» . ۵
قال البيضاوي : «الرجفة: الزلزلة الشديدة» . ۶
وقيل: صيحة جبرئيل؛ لأنّ القلوب ترجف بها . والظاهر أنّ قوله عليه السلام : «أودته» من أودى، إذا هلك، وكونه من الأود بمعنى الاعوجاج والانعطاف بعيد.
قال الجوهري: «أودى فلان: هلك» . ۷
وفي القاموس: «أودى: هلك، وبه الموت: ذهب» . ۸
أقول : يظهر منه أنّ هنا حذفاً وإيصالاً.

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۱۲ (حصب) .

2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۸۴ (صيح) مع التلخيص .

3.الشعراء (۲۶) : ۱۷۶ ـ ۱۸۹ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۲۵۲ .

5.الأعراف (۷) : ۷۸ و۹۱ ؛ العنكبوت (۲۹) : ۳۷ .

6.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۳۶ .

7.الصحاح ، ج ۶ . ص ۲۵۲۱ (ودي) .

8.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۹۹ (ودي) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
346

وقيل: ذكر الآلاء سبب للانتهاء عنه؛ إذ من ذكر آلائه تعالى على نفسه في بدء وجوده إلى كماله علم أنّه عبد ذليل بين يدي ملك جليل، فيحصل له الذلّ والانكسار وملكة الانتهاء عن الاستكبار.
قال: وممّا ذكرنا ظهر أنّ ترتّبه على قوله: «ليذّكّروا» ـ كما يقتضيه «ثمّ» ۱ ـ أظهر من ترتّبه على سوابق هذا القول كما يقتضيه الواو . ۲
(فلمّا بلغوا المدّة، واستتمّوا الاُكلة) .
المراد بالمدّة وقت ارتحالهم عن الدنيا ؛ إمّا بالموت ، أو بنزول العذاب ، أو يراد بالمدّة مدّة إمهالهم ، والبلوغ إليها البلوغ إلى آخرها، والمآل واحد.
والأكلة بالفتح: المرّة الواحدة من الأكل، وبالضمّ: اللقمة والقُرصة والطُّعمة، كذا في القاموس ۳ ، ومثله في الصحاح إلّا أنّه قال: الأكلة: المرّة الواحدة حتّى تشبع ۴ ، فاعتبر الشبع في الأكلة .
والمراد بها هنا الرزق المقدّر لهم .
(أخذهم اللّه عزّ وجلّ) .
في القاموس: «الأخذ: التناول ، والإيقاع بالشخص ، والعقوبة» . ۵
(واصطلمهم) ۶ أي استأصلهم .
(فمنهم من حُصب) .
قال البيضاوي في قوله تعالى: «فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً»۷ : «ريحا عاصفا فيها حَصباء ، أو ملكاً رماهم بها كقوم لوط» . ۸

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۶۶ .

2.في الحاشية: «يعني في قوله: ثمّ ليعترفوا، كما في بعض النسخ. منه».

3.اُنظر : القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۲۹ (أكل) .

4.اُنظر : الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۶۲۴ (أكل) .

5.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۵۰ (أخذ) .

6.في الحاشية: «الاصطلام : افتعال من الصلم، وهو القطع المستأصل، وقد أشار ـ جلّ شأنه ـ إلى جميع ذلك بقوله: «أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جائَهُمْ ما كَانُوا يُوعَدُونَ * ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كَانُوا يُمَتَّعُونَ» [الشعراء (۲۶) : ۲۰۵ ـ ۲۰۷]. صالح» شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۶۶ .

7.العنكبوت (۲۹) : ۴۰ .

8.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۳۱۶ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110368
صفحه از 630
پرینت  ارسال به