والظاهر أنّ قوله: (لو كُشف لك عمّا هوى إليه الظالمون) مع جزاؤه الآتي ، وهو قوله: «لهربت إلى اللّه» جزاء «إذا» . قال الجوهري : «هوى ـ بالفتح ـ يهوي هويّاً ، أي سقط إلى أسفل، وكذلك الهوى في السير ، إذا مضى» ۱ ؛ أي لو كشف الحجاب بينك وبين ما سقطوا، أو ساروا إليه من النكال والوبال.
(وآل إليه الأخسرون) أي عمّا رجعوا إليه من سوء العاقبة وشدّه العقوبة.
(لهربتَ إلى اللّه) أي التجأت به.
(ممّا هم عليه مُقيمون) من الكفر والظلم.
وقيل: فيه إحضار للصورة الماضية ؛ للتنبيه على ظهورها ، والتنفير منها . ۲
(وإليه صائرون) بعد الموت من عذاب الأبد .
قيل: لما ذكر عليه السلام زمرة من الجاهلين ، وجملة من الجبّارين [الدين] أماتوا سنن المرسلين، وأحيوا سنن الشياطين، أمهلهم اللّه زماناً طويلاً، ثمّ أخذهم أخذاً وَبيلاً ، فصاروا إلى الآخرة وهم خاسرون، تذكرة للعالمين، وتنبيهاً للغافلين، عاد إلى إظهار حاله، وبيان أنّه الإمام للمؤمنين، والخليفة بعد الرسول الأمين . ۳
وقال : (ألا وإنّي فيكم أيّها الناس كهارون في آل فرعون) ؛ فإنّه شريك موسى عليه السلام في النبوّة ، إلّا أنّه لا نبيّ بعد نبيّنا صلى الله عليه و آله .
(وكباب حِطّة في بني إسرائيل) إشارة إلى قوله تعالى: «وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ» . ۴
قال البيضاوي : «القرية: بيت المقدّس» . ۵
وقيل : أريحا ، اُمروا به بعد التيه، والباب باب القرية، أو القبّة التي كانوا يصلّون إليها؛ فإنّهم لم يدخلوا بيت المقدّس في حياة موسى عليه السلام .
و «قُولُوا حِطَّةٌ» أي مسألتنا، أو أمرك حطّة، وهي فِعلة من الحَطّ كالجلسة،
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۶۷ .
2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۳۸ (هوي) .
3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۶۷ و۲۶۸ .
4.البقرة (۲) : ۵۸ .
5.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۶۶ .