أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوِ اقْتَبَسْتُمُ الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ، وَشَرِبْتُمُ الْمَاءَ بِعُذُوبَتِهِ، وَادَّخَرْتُمُ الْخَيْرَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَأَخَذْتُمُ الطَّرِيقَ مِنْ ۱ وَاضِحِهِ، وَسَلَكْتُمْ مِنَ الْحَقِّ نَهْجَهُ، لَنَهَجَتْ بِكُمُ السُّبُلُ، وَبَدَتْ لَكُمُ الْأَ عْلَامُ ، وَأَضَاءَ لَكُمُ الْاءِسْلَامُ ، فَأَكَلْتُمْ رَغَداً ، وَمَا عَالَ فِيكُمْ عَائِلٌ، وَلَا ظُلِمَ مِنْكُمْ مُسْلِمٌ وَلَا مُعَاهَدٌ، وَلكِنْ سَلَكْتُمْ سَبِيلَ الظَّلَامِ ، فَأَظْلَمَتْ عَلَيْكُمْ دُنْيَاكُمْ بِرُحْبِهَا، وَسُدَّتْ عَلَيْكُمْ أَبْوَابُ الْعِلْمِ، فَقُلْتُمْ بِأَهْوَائِكُمْ ۲ ، وَاخْتَلَفْتُمْ فِي دِينِكُمْ، ۳ فَأَفْتَيْتُمْ فِي ۴ دِينِ اللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَاتَّبَعْتُمُ الْغُوَاةَ فَأَغْوَتْكُمْ، وَتَرَكْتُمُ الْأَ ئِمَّةَ فَتَرَكُوكُمْ، فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُمُونَ ۵ بِأَهْوَائِكُمْ ، إِذَا ذُكِرَ الْأَ مْرُ سَأَلْتُمْ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا أَفْتَوْكُمْ قُلْتُمْ: هُوَ الْعِلْمُ بِعَيْنِهِ، فَكَيْفَ وَقَدْ تَرَكْتُمُوهُ، وَنَبَذْتُمُوهُ، وَخَالَفْتُمُوهُ، رُوَيْداً عَمَّا قَلِيلٍ تَحْصُدُونَ جَمِيعَ مَا زَرَعْتُمْ، وَتَجِدُونَ وَخِيمَ مَا اجْتَرَمْتُمْ وَمَا اجْتَلَبْتُمْ ۶ .
وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي صَاحِبُكُمْ، وَالَّذِي بِهِ أُمِرْتُمْ وَأَنِّي عَالِمُكُمْ، وَالَّذِي بِعِلْمِهِ نَجَاتُكُمْ وَوَصِيُّ نَبِيِّكُمْ ، وَخِيَرَةُ رَبِّكُمْ ، وَلِسَانُ نُورِكُمْ، وَالْعَالِمُ بِمَا يُصْلِحُكُمْ، فَعَنْ قَلِيلٍ رُوَيْداً يَنْزِلُ بِكُمْ مَا وُعِدْتُمْ، وَمَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ، وَسَيَسْأَلُكُمُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَنْ أَئِمَّتِكُمْ مَعَهُمْ تُحْشَرُونَ، وَإِلَى اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ غَداً تَصِيرُونَ.
أَمَا وَاللّهِ، لَوْ كَانَ لِي عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ، أَوْ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ وَهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ ۷ ، لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّيْفِ حَتّى تَئُولُوا إِلَى الْحَقِّ، وَتُنِيبُوا لِلصِّدْقِ، فَكَانَ أَرْتَقَ لِلْفَتْقِ، وَآخَذَ بِالرِّفْقِ، اللّهُمَّ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ».
ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ بِصِيرَةٍ فِيهَا نَحْوٌ مِنْ ثَلاَ ثِينَ شَاةً، فَقَالَ: «وَاللّهِ، لَوْ أَنَّ لِي رِجَالاً يَنْصَحُونَ لِلّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَلِرَسُولِهِ بِعَدَدِ هذِهِ الشِّيَاهِ، لَأَزَلْتُ ابْنَ آكِلَةِ الذِّبَّانِ ۸ عَنْ مُلْكِهِ».
1.في الحاشية عن بعض النسخ: «من الطريق» بدل «الطريق من».
2.في الحاشية: «هذا من لوازم الجهل مع الاستنكاف عن ظهوره، وهكذا حال الجاهل المستنكف؛ فإنّه إذا سئل عن أمر مبهم أو ورد عليه أمر مشكل أوضحه بأهوائه الفاسدة وبيّنه بآرائه الكاسدة لئلّا يقولوا : إنّه جاهل. صالح» . شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۸ .
3.في الحاشية: «أي الذي اخترعتموه بالأهواء؛ إذ الأهواء مستلزمة للاختلاف قطعاً لتفاوت الأشخاص فيها. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۸ .
4.في الحاشية عن بعض النسخ: «فاتّقيتم» بدل «فأفتيتم في».
5.في الحاشية عن بعض النسخ: «تحكون».
6.في الحاشية عن بعض النسخ: «اجتنيتم».
7.في الحاشية: عن بعض النسخ والطبعة الجديدة وجميع النسخ التي قوبلت فيها والوافي : «أعدادكم» .
8.في الحاشية عن بعض النسخ: «الذياب».