359
البضاعة المزجاة المجلد الأول

الأنبياء والأوصياء والعقلاء على ذلك ، وهذا القدر كاف في التصديق بحياته، ولا يقدح عدم العلم بحقيقتها، كما لا يقدح عدم العلم بحقيقة ذاته في التصديق بوجوده، كذا قيل . ۱
ولا يخفى أنّ فيه شائبة دَور أو مصادرة ، بل الأصحّ في هذا أن يقال: ثبت أنّه تعالى عالم قادر؛ لما شاهد من صدور أفعال محكمة مُتقنة، وكلّ عالم قادر فهو حيّ بالضرورة.
واختلفوا في معنى حياته تعالى؛ فإنّها في حقّنا اعتدال المزاج النوعي، ولا يتصوّر ذلك في حقّه تعالى، فقيل: إنّها هي صحّة كونه عالماً قادراً. وقيل: إنّها صفة توجب صحّة العلم. ۲
وقال صاحب العدّة: «الحيّ هو الفعّال المدرك، وهو حيّ بنفسه، ولا يجوز عليه الموت والفناء، ولا يحتاج إلى حياة بها يحيى» . ۳
وقال القطب في درّة التاج: «حياته تعالى إدراك الأشياء، وهو لمّا كان عالماً بذاته ومعلوماته كما هي على الوجه الأتمّ الأبلغ كان حيّاً» ۴ .
وأمّا إنّه بلا كيف، فقيل: لأنّ الكيفيّات على أقسامها مخلوقة محدثة، والقديم الأزليّ الكامل بالذات يمتنع أن يتّصف بالمحدثات، ولأنّه لو اتّصف بها لكان الواجب بالذات إمّا المجموع، أو الموصوف بدون الصفة، أو بالعكس، والكلّ محال؛ أمّا الأوّل لأنّه يوجب تركيبه وحدوثه وافتقاره إلى الأجزاء وإلى موجدها وإلى المؤلّف والتأليف والصورة، وهو منزّه عن جميع ذلك.
وأمّا الأخيران فلأنّهما يوجبان النقص والافتقار إلى الحالّ والمحلّ والتغيّر من حال إلى حال، وإنّه محال . ۵
(ولم يكن له) . قال بعض الشارحين: «أي ولم يكن الكيف ثابتاً له، والواو إمّا للعطف، أو للتفسير، أو للحال» . ۶
(كانٌ ، ولا كان لكانه) أي لكونه ووجوده (كيف) .
«كان» أوّلاً تامّة، أو ناقصة بتقدير الخبر، أي كان موجوداً في الأزل، والواو للحال عن

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۱ .

2.راجع : شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۱ .

3.عدّة الداعي ، ص ۳۰۲ (مع اختلاف يسير) .

4.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
358

فَلَمَّا أَمْسى بَايَعَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ رَجُلاً عَلَى الْمَوْتِ، فَقَالَ ۱ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : «اغْدُوا بِنَا إِلى أَحْجَارِ الزَّيْتِ مُحَلِّقِينَ» وَحَلَقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، فَمَا وَافى مِنَ الْقَوْمِ مُحَلِّقاً إِلَا أَبُو ذَرٍّ وَالْمِقْدَادُ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَجَاءَ سَلْمَانُ فِي آخِرِ الْقَوْمِ، فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ : «اللّهُمَّ ۲ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي كَمَا اسْتَضْعَفَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ هَارُونَ، اللّهُمَّ فَإِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ، وَمَا يَخْفى عَلَيْكَ شَيْءٌ فِي الْأَ رْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، تَوَفَّنِي مُسْلِماً ، وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ .
أَمَا وَالْبَيْتِ وَالْمُفْضِي إِلَى الْبَيْتِ [وَفِي نُسْخَةٍ: وَالْمُزْدَلِفَةِ] وَالْخِفَافِ إِلَى التَّجْمِيرِ، لَوْ لَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ، لَأَوْرَدْتُ الْمُخَالِفِينَ خَلِيجَ الْمَنِيَّةِ، وَلَأَرْسَلْتُ عَلَيْهِمْ شَآبِيبَ صَوَاعِقِ الْمَوْتِ، وَعَنْ قَلِيلٍ سَيَعْلَمُونَ».

شرح

السند ضعيف. ۳
قوله: (خطبة الطالوتيّة) سمّيت بها؛ لاشتمالها على ذكر الطالوت وأصحابه.
وقوله: (عن أبي الهَيثم بن التَّيِّهان) .
في القاموس: «التيه، بالكسر: الصلف والكبر. [تاه فهو] تائه وتيّاه وتَيهان وتيّهان، مشدّدة الياء، وتكسر». ۴
وقوله: (الحمد للّه الّذي لا إله إلّا هو) .
العائد إلى الموصول، أو إلى الموصوف محذوف، والضمير المذكور عائد إلى أحدهما.
وقيل: نسبة الحمد إلى اسم الذات وتعليقه بالتوحيد للدلالة على أنّه يستحقّ الحمد بحسب الذات، وأنّه المتفرّد بالاستحقاق؛ لانحصار العلّة فيه . ۵
(كان حيّاً بلا كيف) أي بلا حياة زائدة يتكيّف بها، ولا كيفيّة من الكيفيّات التي تتبع الحياة في المخلوقين ، بل حياته علمه وقدرته، وهما عين ذاته تعالى ؛ أمّا إنّه حيّ فقد اتّفقت

1.في الطبعة القديمة : + «لهم» .

2.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها : ـ «اللّهمّ» .

3.قال العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۷۰ : «ضعيف على مصطلح القوم ، لكن بلاغة الكلام وغرابة الاُسلوب والنظام تأبى عن صدوره عن غير الإمام عليه السلام » .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۸۲ (تيه) .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110727
صفحه از 630
پرینت  ارسال به