ويحتمل أن يكون من الأفعال الناقصة، والمعنى أنّه ليس بزمانيّ، أو ليس وجوده مقروناً بالكيفيّات المتغيّرة الزائده، وإدخال اللام والإضافة بتأويل الجملة مفرداً، أي هذا اللفظ كقولك: لزيدٌ قائم معنى . ۱
(ولا كان في شيء) ؛ لا كون الجزء في الكلّ، ولا الجزئي في الكلّي، ولا الحالّ في المحلّ كالصفة في الموصوف، ولا ككون المتمكّن في المكان، ولا الروح في البدن، ولا ما يشبهها، وذلك لأنّ التركيب ينافي الوجوب الذاتي.
ومعنى الحلول في الشيء الحصول فيه على سبيل التبعيّة، وهو عليه تعالى ممتنع؛ لأنّه إن افتقر إلى ذلك المحلّ في وجوده وكماله، لزم الاحتياج المنافي للوجوب الذاتي، وإن لم يفتقر إليه في كماله كان الحلول فيه نقصاً؛ لأنّ ما ليس بكمال فهو نقص يجب تنزيهه تعالى عنه.
ولما نفى الأين عنه تعالى مجملاً أراد أن ينفيه مفصّلاً لئلّا يتوهّم اختصاص النفي بالبعض، فقال: (ولا كان على شيء) لا بالمجاذاة، ولا بالوضع والترتيب، ولا بالاستقرار والاعتماد، كالملك على السرير ، والراكب على الركوب ، والسقف على الجدران ، والهواء على الماء؛ للزوم التشابه بالجسم والجسمانيّات، والاختصاص ببعض الجهات الممتنع عليه تعالى.
هذا والأظهر أن يكون هذا إشارة إلى استحالة المكان العرفي، وقوله: «ولا كان في شيء» إلى استحالة المكان المصطلح عند المتكلّمين والفلاسفة من البعد الموهوم، أو الموجود، أو السطح.
وقوله: (ولا ابتدع لكانه مكاناً) نفي لبعض ما نفى بقوله: «ولا كان على شيء»، فيكون نفياً للخاصّ بعد نفي العام للاهتمام، يعني لم يتّخذ لكونه واستقراره مكاناً كاتّخاذ الملك السرير، ويؤيّده ما مرّ في حديث أبي جعفر عليه السلام من قوله: «ولا ابتدع لمكانه مكاناً» ۲ ؛ أي لتمكّنه أو مكانته ومنزلته ورفعة محلّه.
وقيل: قوله: «ولا كان في شيء» إشارة إلى نفي المكان بالمعنى المصطلح عند الفلاسفة مطلقاً، وقوله: «ولا كان على شيء» إشارة إلى نفيه بالمعنى المصطلح عند المتكلّمين، وقوله: