363
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وقال بعض الأفاضل:
الملك بالضمّ والكسر يكون بمعنى السلطنة والمالكيّة والعظمة، وبمعنى ما يُملك، والضمّ في الأوّل أشهر ، فيحتمل أن يكون المراد عند ذكره وعند إرجاع الضمير إليه معاً هو الأوّل، أي كان سلطاناً عظيماً قبل خلق السلاطين وسلطنتهم وعظمتهم.
ويحتمل أن يكون المراد عند ذكره المعنى الأوّل ، وعند إرجاع الضمير إليه المعنى الثاني على طريقة الاستخدام، وهو أظهر معنى .
ويحتمل أن يكون الضمير راجعاً إلى اللّه تعالى بالإضافة إلى الفاعل، أي قبل إنشائه الأشياء، لكنّه لا يناسب الفقرة الثانية، كما لا يخفى.
والحاصل على التقادير أنّ سلطنته تعالى ليس بخلق الأشياء؛ لغناه عنها، وعدم تقوّيه بها، بل بقدرته على خلقها وخلق أضعاف أضعافها، وهذه القدرة لا تنفكّ عنه تعالى.
وفيه ردّ على القائلين بالقدم، ودلالة هذه الفقرات على الحدوث ظاهرة. انتهى . ۱
قال رفيع العلماء رحمه الله:
قوله: «ولا كان خِلواً»، أي خالياً «من المُلك» ـ بضمّ الميم ـ أي العظمة والسلطنة «قبل إنشائه» ، أي إنشائه شيئاً ؛ لقدرته على إيجاد الأشياء وإبقائها على الوجود وإعدامها بعد الوجود وإبقائها على العدم، وكونه جامعاً في ذاته لا يحتاج إليه فعله، وحاجة المهيّات إليه في الوجود مطلقاً لذواتها، فهو غاية العظمة، وأعلى مراتب السلطنة والغلبة على الأشياء كلّها، «ولا يكون منه» ، أي من الملك «خلواً بعد ذهابه» ، أي ذهاب ما أنشأه، أو إنشائه لما ذكرناه.
انتهى كلامه رفع اللّه مقامه . ۲
وقيل: إنّه تعالى لما ليس زمانيّاً ولا زماناً، ولا مكانيّاً ولا مكاناً، ولا امتداد فيه، كانت نسبته إلى ملكه، وهو الموجودات العينيّة قبل إنشائها وحين إنشائها وبعد فنائها نسبة واحدة، لا تقدّم ولا تأخّر فيها، بل كلّها حاضرة عنده لا باعتبار أنّها كانت معه في الأزل، أو تكون معه فيما لا يزال لبطلان ذلك، بل باعتبار أنّه لا يجري فيه زمان وأحكامه، وأنّ نسبته إلى الأزل والأبد والوسط واحدة، فالعقل الصحيح إذا تجرّد عن شبهات الأوهام ولواحق الزمان،

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۷۱ و۷۲ .

2.الحاشية على اُصول الكافي لميرزا رفيعا ، ص ۲۹۶ (مع اختلاف يسير) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
362

«ولا ابتدع» إلخ، إشارة إلى نفيه بالمعنى العرفي ۱ . وهو كما ترى.
وقال بعض الأفاضل: توهّم كلّ شيء في مكان باطل؛ لأنّ المكان شيء، ولا مكان له.
قال: وفي الابتداع إشعار بأنّه لو كان له مكاناً، لكان مكانه مبتدعاً حادثاً، فلم يكن سبحانه قبل حدوثه في مكان، فلا يكون بعده أيضاً فيه؛ لما مرّ . ۲
(ولا قوي بعد ما كوّن شيئاً) أي لا يؤثّر تكوين الأشياء في حدوث قوّته تعالى، ولا في ازدياده؛ لأنّه تعالى لا يستعين في قوّته وسلطانه على غيره، بل الغرض منه إظهار ربوبيّته وعلمه وقدرته وحكمة، وإيصال المنافع والجود إلى غيره.
(ولا كان ضعيفاً قبل أن يُكوّن شيئاً) حتّى يكوّنه لجبر ضعفه، وتشديد قدرته.
(ولا كان مستوحشاً) .
الوحشة: الخلوة، والهمّ. يقال: وحّشته ، فاستوحش.
(قبل أن يبتدع شيئاً) حتّى يبتدعه للاستئناس وزوال الوحشة؛ لأنّ الوحشة من توابع المزاج، وعوارض الحيوانات.
(ولا يُشبه شيئاً) . ۳
كذا في بعض النسخ المصحّحة. وفي كثير منها ليس قوله: «ولا كان مستوحشاً» قبل «أن يبتدع شيئاً».
(ولا كان خِلواً من المُلك قبل إنشائه، ولا يكون خِلواً منه بعد ذَهابه) .
قال الفيروزآبادي: «الخِلو، بالكسر: الخالي، والفارغ». ۴ وقال:
ملكه يملكه ملكاً ـ مثلّثة ـ وملكة محرّكة: احتواه قادراً على الاستبداد به، وماله ملك ـ مثلّثاً ـ وبضمّتين: شيء يملكه، وهذا ملك يميني ـ مثلّثة ـ وأعطاني من ملكه ، مثلّثة : ممّا يقدر عليه، وطال ملكه ـ مثلّثة ـ وملكته محرّكة: رقّه ، والملك، بالضمّ: معروف، ويؤنث، والعظمة . ۵

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه اللهفي مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۷۱ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۲ .

3.في الحاشية: «أي لا في الذات، ولا في الصفات؛ لتنزّهه عن المشابهة بخلقه ؛ إذ الوجوب الذاتي يتأبّى عن المشابهة بما في عالم الإمكان. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۲ .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۲۵ (خلو) .

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۲۰ (ملك) مع التلخيص .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110621
صفحه از 630
پرینت  ارسال به