369
البضاعة المزجاة المجلد الأول

والبرهان والغلبة والقهر لها ؛ أو للرسول، أي يجعله غالباً على جميع أهل الأديان ، وقد ورد في أخبارنا أنّه يكون تمام هذا الوعد عند قيام القائم عليه السلام . ۱«وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»۲ إظهاره وغلبته.
(فبلّغ الرسالة، وأنهج الدلالة صلى الله عليه و آله ) .
في القاموس: «أنهج: وضح وأوضح». ۳
(أيّها الاُمّة التي خُدعت) من النفس وشياطين الإنس والجنّ.
(فانخدعت) أي فقبلت الخديعة، وانطبعت فيها لاستعدادها لها.
(وعرفت خديعة من خدعها، فأصرّت على ما عرفت) ؛ يعني انخداعهم في حال معرفتهم بالخديعة من حيث إنّها خديعة، ومعرفتهم بالخادع من حيث إنّه خادع، ومع هذا أداموا وقاموا على الانخداع، وذلك من شقاوتهم وخبث جبلّتهم.
(واتّبعت أهواءها، وضربت في عَشواء غَوايتها) . في كثير من النسخ: «غوائها».
قال الفيروزآبادي: «ضرب على يديه: أمسك، وفي الأرض ضرباً وضرباناً: خرج تاجراً، أو غازياً، أو أسرع، أو ذهب، وبنفسه الأرض: أقام، والشيء: خلطه ». ۴
وقال: «العشوة، بالضم والكسر: ركوب الأمر على غير بيان، ويثلّث، وبالفتح: الظلمة، كالعشواء، أو ما بين أوّل الليل إلى ربعه». ۵
وقال الجوهري:
العشا مقصور، مصدر الأعشى، وهو الذي لا يبصر بالليل، ويبصر بالنهار، والمرأة عشواء ، والعشواء : الناقة التي لا تبصر أمامها، فهى تخبط بيديها كلّ شيء، وركب فلان العشواء ، إذا خبط أمره على غير بصيرة، وفلان خابط عشواء . ۶
وقال: «الغيّ: الضلال، والخيبة، وقد غوي ـ بالفتح ـ يغوي غَيّاً وغواية، فهو غاوٍ وغوٍ» انتهى. ۷
ولعلّ المراد أنّها أقامت، أو ذهبت، أو أسرعت في ظلمة غوايتها، فالإضافة لاميّة،

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۷۳ .

2.التوبة (۹) : ۳۳ ؛ الفتح (۴۸) : ۲۸ .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۱۰ (نهج) .

4.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۹۵ (ضرب) .

5.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۶۲ (عشو) .

6.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۲۷ (عشو) مع التلخيص .

7.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۵۰ (غوي) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
368

«وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ» أي يحيط علمه بها وبمدركاتها.
وفي بعض الأخبار: إنّ المراد بالأبصار الأوهام والعقول ۱ ، وإنّ المعنى لا تدركه الأوهام، وهو يدرك الأوهام، ويلزم منه أن لا يدركه البصر أيضاً، فإنّ كلّ ما يدركه البصر يدركه الوهم ـ من غير عكس ـ كلّيّ ، ونفي العامّ يستلزم نفي الخاصّ، فتدلّ على نفي إدراكه مطلقاً .
«وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»۲ أي العالم بلطائف الاُمور وخفيّاتها، والخبير بحقائقها وظواهرها وبواطنها، فيدرك ما لا تدركه الأبصار.
قال البيضاوي :
يجوز أن يكون من باب اللفّ، أي لا تدركه الأبصار؛ لأنّه اللطيف، وهو يدرك الأبصار؛ لأنّه الخبير، فيكون «اللطيف» مستعاراً من مقابل الكثيف لما لا يدرك بالحاسّة، ولا ينطبع فيها. ۳
وقوله عليه السلام : (أرسله بالهدى) أي متلبّساً به، أو بسببه.
والمراد بالهدى هداية الخلق إلى مراشدهم، أو القرآن، أو سائر المعجزات.
«وَدِينِ الْحَقّ» .قيل: هو دين الإسلام . وفُسّر في بعض الأخبار بولاية علي عليه السلام . ۴«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» .
قال الجوهري: «أظهره، أي أظفره» . ۵ وفي القاموس: «أظهر عليّ: أعانني، وبه وعليه: غلبه». ۶
وقال البيضاوي:
أي ليغلبه على جنس الدين كلّه بنسخ ما كان حقّاً، وإظهار فساد ما كان باطلاً، أو بتسليط المؤمنين على أهله؛ إذ ما من أهل دين إلّا وقد قهرهم المسلمون، وفيه تأكيد لما وعده من الفتح. ۷
وقال بعض الفضلاء:
الضمير في «ليظهره» للدين الحقّ، أي ليعلى دين الإسلام على جميع الأديان بالحجّة

1.راجع : الكافي ، ج ۱ ، ص ۹۸ ، باب في قوله تعالى : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ...» ، ح ۱ ـ ح ۱۱ .

2.الأنعام (۶) : ۱۰۳ .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۴۳۸ و۴۳۹ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۵ .

5.راجع : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۳۲ (ظهر) .

6.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۸۲ (ظهر) .

7.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۲۰۸ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110507
صفحه از 630
پرینت  ارسال به